“الأول بين متساويين” وليس “الأول منفرداً”

Share

حسناً فعلت قيادة “حزب الله” بالإعلان عن استمرار إلتزامها بالمسار الجهادي، وسارعت إلى ملء ما شغر في صفوفها القيادية الميدانية والسياسية، في أعقاب الضربات الموجعة التي تلقتها خلال الأسابيع الأخيرة. بل كانت هذه الإجراءات ملحة وأكثر ضرورية نظراً إلى تكشّف طبيعة المخططات الصهيونية التي تتجاوز تداعيات عملية “طوفان الأقصى”.

أصدر الشيخ نعيم قاسم، نائب الأمين العام لـ”حزب الله”، بياناً مقتضباً ولكن معبّراً، ضمّنه مجموعة من الرسائل هدفها استعادة عنصر المبادرة. ومن الملاحظ أن كلام الشيخ قاسم يتوجه إلى ثلاثة أطراف:

أ – إلى جمهور المقاومة الذي كاد يفقد توازنه بعد أن هزّت الجرائم الصهيونية قواعد علاقات الثقة التي تجمع “ناس المقاومة” بالمقاومة نفسها.

ب – إلى العدو الصهيوني المنتشي حالياً بما يعتبره “إنجازات” لصالحه ضد غزة والضفة الغربية ولبنان وسورية واليمن… وغيرها.

ج – إلى الأطراف الإقليمية والدولية الفاعلة لإبلاغها بأن “حزب الله” امتص الضربات المؤلمة واستوعبها وملأ الشواغر الإدارية والسياسية والميدانية، بحيث أصبح جاهزاً لخوض أية مواجهة قد يفكر العدو الصهيوني بالإقدام عليها.

وعلى أهمية هذه الرسائل، فإن محور المقاومة سيجد نفسه أمام “إسرائيل جديدة”، إذ لم تعد تنطلي على أحد خدعة الصقور والحمائم في الكيان الصهيوني. فقد أخذ نتانياهو يتصرف وكأنه أنجز سلسلة انتصارات في غزة والضفة ولبنان. وبمشاعر المباهاة والاستعلاء سرعان ما كشف عن حقيقة ما أراده من هذه المعركة، ليس للفترة الحالية فقط وإنما على المدى المستقبلي الأبعد.

قبل فترة غير بعيدة، كانت لهجة الخطاب الصهيوني “تصالحية” مع بعض الدول العربية، وذلك تحت رعاية الولايات المتحدة الأميركية… والأصح أن يُقال بضغط مباشر من واشنطن على الدول العربية! لكن قناع “المصلحة” أخلى مكانه لقناع “السلم الإسرائيلي” الذي يرتكز على مبدأ إقامة “إسرائيل الكبرى”.

فها هو نتانياهو يصّرح بصفاقة، بينما أسلحة الدمار الشامل تبيد شعبنا في فلسطين ولبنان وسورية، أنه سيصنع الشرق الأوسط حسب رؤية “إسرائيل” إلى مستقبل المنطقة. ولا بأس من نفض غبار الذاكرة عن مشروع “الشرق الأوسط الجديد” لشمعون بيريز في تسعينات القرن الماضي… و”صفقة القرن” التي رعاها ترامب في فترة رئاسته السابقة! ولعل ما يتردد عن سعي نتانياهو إلى تمزيق اتفاقيات الغاز مع لبنان، وفرض حصار بحري وجوي وبري على لبنان كخطوة لخنق “محور المقاومة”. والحقيقة أن ما يخطط نتانياهو لتنفيذه لا يختلف كثيراً عن الانتداب أو الاستعمار غير المباشر.

هذه هي الصورة التي نتوقعها قريباً، وهي تشكل التحدي الوجودي لأمتنا. ونحن نعتقد أن محور المقاومة يحتاج إلى منهجية تفكير وآليات تنفيذية متجددة قادرة على استيعاب نتائج مرحلة “طوفان الأقصى”، ومن ثم التخطيط للتعامل مع المخاطر المقبلة.

هنالك عبارة باللغة الإنكليزية تقول First Among Equals، وترجمتها “الأول بين المتساويين”. وهذا يعني أن البنية الجديدة لـ”حزب الله” يجب أن تأخذ بعين الاعتبار دور الأحزاب والمنظمات الحاضنة لنهج المقاومة، بحيث تكون شريكة في التخطيط والتنفيذ كما هي شريكة في دفع الثمن الأغلى في ميدان المعركة التي سننتصر فيها مهما بلغت الصعوبات.

0
0

1 Comment

Hussein Bazzi 1 أكتوبر، 2024 - 5:38 ص

حاولت المقاومة الاسلامية عند يداية كل حرب ان لا تتشارك بالتسمية لاطراف واحزاب ومنظمات هي بالفعل شريكة ..لاسباب كثيرة ومنها امنية لحماية هؤلاء من رد صهيوني قد يطالهم كما يطال المقاومة الاسلامية وخير دليل على ذلك ما شهدته منطقة الكولا ليلة امس من هجوم اسفر عن ارتقاء ثلاثة مقاومين من الجبهة الشعبية ..فالمقاومة الاسلامية وبما لديها من امكانات هائلة لا يملكها اي فصيل اخذت على عاتقها هذا التحدي وهو بالنسبة للجميع مفصلا وجوديا من الصراع القائم وهي المرحلة الحاسمة والنهائية على حلبة الصراع اما المقاومة تنتصر واما نصبح عبيدا هذا في المفهوم .نعم هناك فصائل واحزاب ومتطوعون شركاء دائمين في نصرة المقاومة وشعبنا وامتنا والجميع هنا تحت راية وعباءة ترسمها سيرة الحسين وعلي وزينب وهذا الافضل ..تصور معي لو كل فصيل اوحزب اصدر بيان في الوقت نفسه ..وتم توزيعه على وسائل الاعلام ..ماذا سيحدث..

Post Comment