تعميم جديد أصدره مصرف سوريا المركزي بإعفاء “الإيداعات الجديدة حصراً” (حسب نص التعميم) من سقف السحب اليومي المحددة بـ 5 ملايين ليرة.
الإجراء يأتي بهدف “تحفيز استثمار المدخرات النقدية في القطاع المصرفي”، حسبما ذكر المركزي في التعميم، وفي وقت شهدت فيه الإيداعات النقدية تباطؤاً منذ أن بدأ المصرف إجراءات تقييد السحب اليومي، ضمن حزمة خطوات اتخذها لرفع قيمة الليرة، عبر زيادة الطلب عليها، أو “خلق” ذلك الطلب بقرار إداري.
التعميم الجديد الذي أعلنه المصرف عبر حساباته في مواقع التواصل اليوم، وأصدره في 19 من الشهر الجاري، يقضي “بإعفاء الإيداعات النقدية لدى المصارف (التي أودعت بهدف استثمارها بودائع لأجل للأشخاص الطبيعيين والاعتباريين، بعد تاريخ نفاذ قرار مجلس النقد والتسليف رقم 68 تاريخ 3/4/2022 الذي تم بموجبه تعديل الحد الأدنى لمعدلات الفائدة التي تدفعها المصارف العاملة على الودائع)، من تطبيق البند /1/ من التعميم رقم 920 تاريخ 22/2/2022، الذي حدد سقف السحب النقدي اليومي بمبلغ 5 ملايين ليرة سورية، بحيث يمكن للمودع عند انتهاء أجل الوديعة، ورغبته بسحبها، أن يتجاوز السقف المحدد للسحب اليومي”. وأكد تعميم المركزي على أن يبقى سقف السحب اليومي سارياً بالنسبة للإيداعات المتعاقد عليها قبل نفاذ القرار رقم 68 تاريخ 3/4/2022، وعلى الودائع التي يتم تجديدها بعد تاريخ نفاذه. علماً ان ذلك القرار تضمن رفع نسبة الفائدة على الإيداعات من 7 إلى 11 في المئة وقد واجه القرار انتقادات عدة، منها ما كتبته وزيرة الاقتصاد السابقة لمياء عاصي التي علقت على الإجراء الجديد بأنه “لن يكون له انعكاس كبير على زيادة الإيداع، بل سيضعف الثقة أكثر بإجراءات المركزي”، وأضافت عبر صفحتها في “فيسبوك” أن “السؤال الذي يطرحه المودعون الجدد: هل هناك ما يمنع المركزي من إصدار قرارات أخرى تقيد السحب اليومي وتشمل هؤلاء الجدد؟”. وكتبت عاصي عدداً من الأسئلة أولها عن تعبير “الودائع الجديدة حصراً”، لتسأل: “يصدر المصرف المركزي قراراً برفع قيود سقف السحب اليومي على الودائع الجديدة حصرًا؟ كيف يميز المصرف المركزي بين الودائع الجديدة والقديمة؟”. وتجيب: “التمييز بحد ذاته غير جائز، ولا يحق له ذلك”. وقالت عاصي إن القرار الجديد “يثير التساؤلات”: “هل هي ادن الجرة يضعها كيفما شاء، أم أنه قرار “تفصيل” سيخدم البعض؟”. بينما كتب الخبير المصرفي عامر شهدا عن المفارقة التي جعلت نوعاً من الودائع معفى من سقف السحب، بينما ودائع أخرى غير معفاة، وذلك في نفس المصرف، يقول شهدا عبر صفحته في “فيسبوك: “حساب وديعة يخضع لسقف السحب اليومي، وحساب وديعة أخرى لا يخضع لسقف السحب اليومي، رغم أن الحسابين يخضعان لنفس القوانين”. وأضاف أن صاحب الحساب “يستطيع مقاضاة المصرف في حال خالف التعامل مع كلا الحسابين” ويصف شهدا القرار بأنه لن تكون له نتيجة، وختم بالقول إن “كل سياسة نقدية مبهمة الأهداف تعتبر فاشلة”. أحد المصرفيين يقول لـ “الفينيق” إن إجراء المركزي ذاك كغيره من الإجراءات قد يكون جيداً ضمن ظروف غير التي تمر بها البلاد، وأهمها أن تكون الثقة موجودة بين أصحاب المدخرات والمصارف، وهذا غير متوافر في الوضع الراهن. ويضيف أن المركزي عبر هذا القرار “يمنح” المودعين ما هو حقهم أصلاً، إذ لا يجوز لمصرف أن يقيد السحب اليومي بعد انقضاء مهلة الأجل، المتفق عليها بين المودع والمصرف، فالأموال المودعة بعد انتهاء الأجل، هي ملك للمودع، ولا يحق للمصرف الامتناع عن تقديمها لصاحبها دون شروط. قرارات تقييد السحب، التي وصلت في بعض الاحيان، إلى 25 ألف ليرة، أفقدت المصارف عنصراً مهماً وهو “الثقة” مع المودع الذي صار يشعر أنه “يشحد” حقوقه، وبالتقسيط.
إقدام المصرف على قرارات إدارية كتلك، وإن جاءت ضمن مبررات رفع قيمة الليرة، جعل المودعين يتخوفون من أن المصارف قد تصدر قرارات مشابهو في أي وقت تشاء، حسب المصرفي.
يذكر أن المركزي السوري اتخذ جملة من القرارات مؤخراً كانت في معظمها تهدف إلى تحسين سعر الليرة بشكل قسري، وجاءت بعد المرسومين رقم 3 و4 لعام 2020 اللذين صار بموجبهما تداول عملة غير الليرة السورية يعد جريمة. ومن ضمن تلك الإجراءات: تقييد السحب اليومي، وتحديد سقف حجم الأموال المنقولة بين المحافظات خارج المصارف، ووضع وديعة لدى المصارف في عمليات شراء العقارات والسيارات.