فريق الأبحاث في “الفينيق”
اعتمدت “إسرائيل” منذ نشوء كيانها المغتصب، على فائض القوة في حروبها وعلاقاتها وخططها الاستراتيجية، معتقدة أنه المنقذ الوحيد لها من احتمال التلاشي والانتهاء. ورغم أن هذه القاعدة تعرضت للاختراق كثيرًا أثناء الحروب وخطط التطبيع وغيرها، إلا أن إسرائيل لم تتخل عنها، بل رفعت نسبة السياسيين المغالين بالثقة نتيجة فائض القوة هذا، وكان أحدث مثل على ذلك اعتقاد رئيس الوزراء الإسرائيلي أن سابقه نتنياهو انشغل بقتال مخالب الأخطبوط الإيراني، وكان من المفترض أن يركز على رأسه وهو إيران بالنسبة إليه.
فائض القوة، يدفع إسرائيل للعمل على ملفات تعتبرها مصيرية بالنسبة لوجودها، على رأسها إنجاز أكبر ما يمكن من عمليات التطبيع مع الدول العربية والإسلامية، إضافة إلى معالجة الملف الإيراني وبالأخص الجانب النووي منه، وصولاً إلى قضية استثمار حقل الغاز والنفط الواقع في المياه الإقليمية اللبنانية بالقوة دون استفادة لبنان منه. يضاف إلى ذلك ملف الجولان الذي افتتحت فيه مشروع “ترامب” العقاري الهادف إلى إسكان أكثر من مئة ألف مستوطن في الهضبة السورية الاستراتيجية. كل هذا يجري في ظل تحالف حكومي إسرائيلي ضعيف وانقسام سياسي حاد دفع بالمراقبين الإسرائيليين للتحذير من أنه قد يتحول إلى تدمير ذاتي لإسرائيل نتيجة الخلاف على كيفية تصريف فائض القوة العسكرية والاقتصادية الحاصل.
الحكومة الحالية التي يرأسها بينت، لم تحصل سوى على أغلبية برلمانية ضئيلة بعد أربع دورات انتخابية متتالية استمرت 12 عامًا وسيطر خلالها نتنياهو الذي ترفض كتلته الضخمة مخاطبة بينيت برئيس الوزراء!
وبغض النظر عن الانقسامات الإسرائيلية السياسية الحادة، فإن اختلاف الأساليب في معالجة الملفات الشائكة يظهر واضحًا منذ وصول بينيت إلى رئاسة الحكومة. لذلك فإن العودة إلى تاريخ بينيت وتنشئته العسكرية والأيديولوجية، يمكن أن تشرح الخطط والأساليب التي من المرجح أن يتبعها في الموضوع الإيراني وموضوع استثمار الغاز في المتوسط وغير ذلك من الملفات.
بينيت يتعلم “كيفية الصيد!“
قبل حرب 2006 في لبنان، تم استدعاء بينت من وحدة الكوماندوز الخاصة ليصبح أحد الضباط المؤسسين للوحدة العسكرية الجديدة “ماجلان” التي كانت بحاجة إلى دماء جديدة. وفي “سايريت ماتكال” تم تدريب بينيت كقائد مستقبلي، حيث ستفسر تلك التربية عمق الخلافات مع نتنياهو في معالجة الملفات الملحة والهامة.
يقول الكاتب الإسرائيلي “ياكوف كاتز” في مقال نشرته صحيفة “جيروزاليم بوست” تحت عنوان “هل لدى إسرائيل الاستراتيجية الصحيحة لمواجهة إيران؟”:
“تعلم بينيت مهارة الصيد التي من شأنها أن تخدمه في ساحة المعركة ولاحقًا في السياسة.. فالجنود في ماجلان لم يتدربوا على مطاردة العدو فقط، ولكن أيضًا على أسلحته، وخاصة الصواريخ. كانت هذه المهارة هي التي أراد الجيش الإسرائيلي أن يستخدمها بينيت وجنوده عندما تم إرسالهم خلال حرب لبنان الثانية إلى منطقة في القطاع اللبناني الغربي بالقرب من قرية دبل.”
تجربة بينت في تلك الحرب حتمت عليه تغيير الأدوات والأساليب لاحقًا، لاسيما أنه نجا من تفجير المنزل الذي اختبأت فيه مجموعة من الجنود الإسرائيليين وفجره مقاتلو حزب الله بقذيفتين مضادتين للدروع فقتلوا تسعة جنود وجرحوا تسعة وعشرين. نتيجة الحرب كانت واضحة بالنسبة لبينيت حيث من المستحيل إيقاف الصواريخ أو ملاحقة مجموعات المقاتلين الصغيرة للمقاومين، وهي نتيجة سيكون لها بالغ الأثر في تغيير أسلوب بينيت في التخطيط والتعامل مع بقية الملفات.
يقول الكاتب الإسرائيلي ياكوف كاتز:
“كان هذا درسًا حمله معه في السنوات التالية، عندما دخل السياسة وبدأ في قضاء بعض الوقت في مجلس الوزراء الأمني، الذي انضم إليه كوزير حديث في عهد بنيامين نتنياهو في عام 2013. خلال تلك الفترة، التقى بينيت عدة مرات مع نتنياهو وحاول إقناعه بتبني استراتيجية مختلفة لمواجهة إيران ووكلائها الإرهابيين في جميع أنحاء المنطقة.”
القصة التي سردها بينيت عندما كان وزيرًا للتعليم في الحكومة الإسرائيلية، تفسر منهجه في حل المشكلات. فعندما صعد إلى المنصة في مؤتمر INSS لم يقل كلمة واحدة عن التعليم. بل تحدث عن فلاح يصاب بلسعة بعوضة فيكتفي بضربها، ثم يتكاثر عليه البعوض، فيستخدم عصا البيسبول لطرده، ولاحقًا يضطر لصنع شبكة حول السرير لكن البعوض يتسرب إليه، ويلجأ إلى التكنولوجيا حيث تم تطوير نظام خاص يتعرف على البعوض وهو طائر فيقضي عليه قبل أن يصل، لكن البعوض كان يجد السبيل دائمًا للمرور، ومرة جاء أب الفلاح لزيارته، فسأله عن الطريقة التي يتخلص فيها من البعوض، فأجابه أبوه: “من الأفضل أن تجفف المستنقع.”
وتابع بينيت بالقول: “إسرائيل بحاجة إلى التوقف عن ملاحقة البعوض – حزب الله وحماس – وبدلاً من ذلك بحاجة لتحويل تركيزها إلى تجفيف المستنقع – إيران.” وكان بينيت قد استخدم في أماكن أخرى استعارة ثانية تقول: “إيران هي رأس الأخطبوط، وهو الرأس الذي تحتاجه إسرائيل لمهاجمته وليس مخالبه.”
يعترف الكاتب الإسرائيلي ياكوف كاتز بصوابية رأي بينيت، ويذكّر بتدمير المفاعلين النوويين العراقي عام 1981 والسوري عام 2007، ويصف تلك المهمة بالسهلة والمضمونة بسبب اعتماد الدولتين على الخبرات الأجنبية في المجال النووي، مقابل صعوبة تدمير الصناعات النووية الإيرانية لأنها من صنع محلي وبخبرات إيرانية مما يتطلب معركة من نوع آخر. فالخبراء الإيرانيون كثر ومواد التصنيع محلية ولا يمكن إيقافها عبر عمليات محدودة للموساد أو عبر الحصار. فهل يعني ذلك أن بينيت الذي تعلم كيفية الصيد في “ماجلان” سيشن حربًا شاملة على إيران ينسف فيها كل منشآتها النووية؟
الأمر لا يبدو سهلاً، فإسرائيل لم تستطع أن تحصل على تأييد دول العالم المؤثرة لشن هذه الحرب. وحتى الآن بقيت استعارات بينيت التي يصفها ياكوف كاتز باللطيفة، مجرد حبر على ورق، فهو بعد تصريح عام 2019 بأنه وضع خطة ستؤدي إلى خروج إيران من سورية في غضون 12 شهرًا، لم يحقق ذلك بعد مضي عامين إلى اليوم!
يختم الكاتب الإسرائيلي كاتز بالقول:
“لكن إسرائيل بحاجة إلى الاعتراف بأن جعل العالم يقف إلى جانبها وفهم الحاجة إلى نهج أكثر صرامة تجاه إيران، سيكون دائمًا معركة شاقة. هل يمكن أن تنجح؟ سوف نكتشف ذلك قريبًا.”
هل يتسبب فائض القوة في توريط إسرائيل بمغامرات غير مضمونة النتائج؟ هذا ممكن، وقد سبق أن حصل في حرب لبنان عام 2006 وفي حروب إسرائيل مع غزة. فالنتائج لم تكن على حجم فائض القوة الذي تراهن عليه إسرائيل دائمًا.
التطبيع مع الدول الإسلامية
نشرت صحيفة “هآرتز” خبرًا عنوانه “بفضل السعودية، أصبح اعتراف باكستان بإسرائيل أمرًا لا مفر منه” أشارت فيه الصحيفة إلى فضل السعودية في دفع باكستان إلى الاعتراف بإسرائيل والتطبيع معها. وقالت الصحيفة إن باكستان “آخر معقل سني” يقاوم التطبيع، ومع أن حكام باكستان سياسيًا وعسكريًا موافقون، لكنهم يريدون ضمانات ضد رد الفعل الداخلي المحموم.
ما أنجزته إسرائيل في ملف التطبيع كبير وليست باكستان سوى خطوة تتبع فيها دول الخليج التي تتقاطر بشكل متسلسل نحو التطبيع. لكن الإسرائيليين يعترفون بأن كل أشكال التطبيع لا معنى لها بمعزل عن الفلسطينيين الذين يبدون مقاومة كبيرة. تقول الصحيفة:
“أدت زيارة مجموعة من الباكستانيين الأمريكيين والباكستانيين إلى إسرائيل الشهر الماضي إلى تعميق الجدل الدائر حول إضفاء الطابع الرسمي على العلاقات بين البلدين.” ويظهر من خلال الخبر اهتمام الصحافة الإسرائيلية بالموضوع من خلال إيراد آراء المتابعين الباكستانيين على مواقع الانترنت الذين خاضوا جدلاً بسبب ذلك. تبدو إسرائيل مستعجلة لإنجاز أكبر ما يمكن في هذا الملف الذي سيفيدها في الملف الأول وهو الحرب المحتمل نشوبها في أية لحظة مع إيران.
فائض القوة والاستيلاء على الغاز اللبناني
استنادًا للقاعدة نفسها، تحاول إسرائيل الاستفراد بغاز المتوسط وحقل كاريش الواقع على الحدود بين لبنان وفلسطين، ويبدو الجانب الرسمي اللبناني قابلاً للخضوع إلى الضغوطات الأميركية التي تحاول تدعيم الموقف الإسرائيلي والحصول على أكبر المكاسب للكيان الغاصب. من المؤكد أن فائض القوة الإسرائيلي لن يعترف بالخط 29 الذي لم تذكره الحكومة اللبنانية وهو الحدود المرجحة، بينما اكتفت بالخط 23 الذي يبقي منطقة تريد إسرائيل ضمها إلى الحقل ومنع لبنان من التنقيب على أن يكتفي بحصة تخصصه بها إسرائيل!
تطورات الموقف تتفاقم مع وصول المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين من أجل بحث هذا الملف والقيام بوساطة منحازة إلى إسرائيل التي أرسلت سفنها الحربية إلى مقابل الناقورة كي تظهر مدى إصرارها على حسم الموضوع بكافة الطرق لصالحها.
من الوجهة العسكرية، تبدو السفينة اليونانية التي ستتولى استخراج الغاز من حقل كاريش، هدفًا سهلاً للجيش اللبناني أو المقاومة، لكن اهتمام واشنطن بالموضوع يؤكد أهمية هذا الحقل في ظل الصراع الدولي على الطاقة، حيث من المستبعد أن يتورطوا بحرب يعرفون أنها ستؤخر استخراج الغاز مدة طويلة، لكن من جانب آخر، فإن الحكومة اللبنانية المستهترة بحدودها يمكن أن تكون مرنة في المفاوضات انسجامًا مع الضغط الأميركي، ومع الدعاية التي يتم نشرها عن علاقة هذه القضية بالملف النووي الإيراني وتحميل طهران مسؤولية التشدد في هذه المفاوضات أو التهاون فيها. وهو ما يؤثر على الداخل اللبناني المستفيد عمليًا بجميع أطيافه من استخراج الغاز والنفط في ظل الضائقة الاقتصادية الكبيرة التي تعصف به.
“مرتفعات ترامب” الاستيطانية في الجولان
نشر موقع .ynetnews تقريرًا عما سماه “مرتفعات ترامب” في الجولان السوري المحتل، وهي منطقة استيطانية سمتها إسرائيل باسم الرئيس الأميركي نتيجة لاعترافه بضم الجولان إلى إسرائيل. وأشار الموقع إلى ارتفاع هائل في الطلب على شراء الأراضي والشقق السكنية في هذا المجمع، لكن في واقع الحال لم يكن ذلك إلا دعاية إسرائيلية من أجل جذب الزبائن وتأمين استيعاب مئة ألف مستوطن يغيرون واقع الحال في الجولان ويكرسون أمر الاحتلال في هذه المرحلة التي تظهر فيها الظروف الدولية والإقليمية مناسبة.
من الواضح أن “فائض القوة” يجعل إسرائيل هوجاء في جميع الملفات التي تتعامل معها اليوم، فهي ومنذ احتلال الجولان السوري عام 1967، تحاول أن تفرض الأمر الواقع عبر التغيير الديموغرافي رغم عدم حصولها على تأييد معظم دول العالم في هذه الخطوة.
يقول التقرير: “من المقرر أن يطلق مجلس الجولان الإقليمي مزادًا لأراضي 100 وحدة سكنية في المجتمع الشهر المقبل، ويبدو أن أزمة COVID-19 ، إلى جانب ارتفاع أسعار المساكن على مستوى البلاد، دفعت العديد من العائلات إلى البحث عن فرص جديدة في المنطقة الشمالية.”
وقال حاييم روكاش رئيس مجلس الجولان الإقليمي: “قبل COVID ، تلقينا 200 طلب شهريًا. والآن وصلنا إلى 3500 طلبًا شهريًا. هذا العام نستقبل 600 عائلة، أربعة أضعاف ما كان عليه الحال في السنوات السابقة، وعلى الرغم من أن هذا المزاد لم يتم الإعلان عنه رسميًا بعد، فقد تلقى المجلس 1200 طلب من الأشخاص المهتمين به.”
ويضيف الموقع: “يضم المجتمع الآن عشرات العائلات التي تعيش في مقطورات في انتظار مساكن دائمة. هذه هي ثاني جالية إسرائيلية تحمل اسم زعيم أمريكي والآخر هو كفار ترومان، على شرف الرئيس الأمريكي هاري س. ترومان، الذي أيد إقامة دولة إسرائيل. في أواخر العام الماضي، أعلن رئيس الوزراء نفتالي بينيت أن البلاد تعتزم مضاعفة عدد الأشخاص الذين يعيشون في مرتفعات الجولان والوصول إلى 100 ألف نسمة بحلول عام 2025 بخطة بملايين الدولارات تهدف إلى تعزيز سيطرة إسرائيل على المنطقة.”
إن فائض القوة يدفع الإسرائيليين بشكل هستيري من أجل تحصيل أكبر ما يمكن من المكاسب، في ظل ضعف الكيانات السورية وتشرذمها وغياب أية خطة قومية لمواجهة ما يجري. ويساعد في ذلك أيضًا الحرب الأوكرانية والانقسام الدولي واستبعاد اتخاذ قرار من قبل مجلس الأمن أو الأمم المتحدة ضد إسرائيل في هذه المرحلة.
وقف عقارب الساعة على آلية التدمير الذاتي الإسرائيلية
الحديث عن فائض القوة الذي يجعل إسرائيل نهمة في جميع الملفات، لم يمنع موقع Ynet من نشر مقابلة مع رئيس الموساد السابق، الذي حذر من أن “الاقتتال الداخلي وعدم التسامح في الخطاب السياسي الإسرائيلي يشكلان خطرًا أكبر على أمن إسرائيل من إيران والإرهاب الفلسطيني.”
ورفض رئيس الموساد القول بأن إيران هي التهديد الأكبر لإسرائيل، أو أن الفلسطينيين يشكلون الخطر الأكبر على وجود الإسرائيليين. قائلاً في الوقت نفسه: “نحن أنفسنا أكبر خطر تواجهه هذه الأمة بسبب ميلنا إلى تدمير الذات، الذي أتقناه خلال السنوات الأخيرة.”
ويضيف رئيس الموساد: “سبع حروب ومعارك لا تنتهي ضد أولئك الذين يسعون إلى تدميرنا، نجحنا في تحويل قطعة صغيرة من الأرض، خالية من أي موارد طبيعية، إلى قوة اقتصادية. لكننا الآن مستقطبون من الداخل وأعداؤنا ينتظرون مرة أخرى بصبر لحظة مناسبة لتدميرنا. بعد أربع دورات انتخابية متتالية، تم تشكيل حكومة جديدة حشدت أغلبية برلمانية ضئيلة، لكن أولئك الذين أطيح بهم من السلطة بعد 12 عامًا يرفضون الاعتراف بشرعيتها. بل إنهم يرفضون مخاطبة رئيس الوزراء بلقبه. عندما يرفض زعيم كتلة ضخمة في الكنيست القيام حتى بمثل هذه البادرة الرمزية، فإن هذا يزعزع أسس ديمقراطيتنا. تقاطع تلك المعارضة نفسها أيضًا كل تشريعات الجانب الآخر. الكتلة المعارضة الحالية في الكنيست تصوت ضد القوانين الحيوية للأمن القومي والمصلحة العامة وحتى أيديولوجيتها الخاصة في انتهاك للعقد الاجتماعي الأساسي الذي يقوم عليه النظام الديمقراطي. يتسم الخطاب العام في إسرائيل بانعدام التسامح والشتائم اللفظية تجاه أي شخص لديه رؤية مختلفة للعالم. لقد أظهر الكنيست نفسه كمثال سلبي للسلوك اللائق وقد تسرب سلوكه إلى المجتمع الإسرائيلي. هذا الاستقطاب المتزايد لا يتعلق بالاشتراكية مقابل الرأسمالية، أو المحافظين مقابل الليبراليين، أو حتى اليسار واليمين كما يتوقع المرء. جوهر هذا الاستقطاب هو مسألة الطابع اليهودي للبلاد. النقاش الثاني، الذي لم يحسم بعد، كان حول حدود الدولة. منذ عام 1967، لم يكن لإسرائيل حدود محددة. في السنوات الخمس والخمسين التي مرت على حرب الأيام الستة، رفضت الحكومات الإسرائيلية يسارًا ويمينًا ضم الضفة الغربية وقطاع غزة إلى الأراضي الإسرائيلية. اليوم، ثلاثة أجيال من الإسرائيليين، يهودًا وغير يهود، لم يعرفوا أبدًا حقيقة مختلفة. نحن دولة بلا استراتيجية ولا نستطيع تحديد الدولة التي نأمل أن نراها في القرون القادمة. إن عدم التسامح مع وجهات النظر المعارضة والعنف بجميع أشكاله، وتهميش حراس بوابات ديمقراطيتنا جانبًا، مجرد جزء من مظاهر افتقارنا للحدود، والتي نتجت عن تجنب اللغز الحرج الذي نواجهه جميعًا: أي نوع من إسرائيل نريد أن نراه وما هي حدودها؟”
فرط القوة والفناء
فيزيائيًا، يمكن للقوة أن تفني ذاتها عندما تتعاظم ولا تفرغ الطاقة بحسابات خاطئة، وهذا الأمر لم تنج منه إسرائيل في حروبها وتأكيد وجودها رغم تقدمها في الملفات الأخرى، فهل يمكن أن تتدخل الطبيعية بمعجزة الفناء الذاتي لإسرائيل، في ظل رسوخ فائض الضعف لدينا وفشلنا في تكون فائض قوة حقيقي يمكننا من المواجهة؟
1 Comment
مقال جيد وفيه معلومات يبنى عليها وينسجم مع كتاب سركيس ابو زيد الاخير حول نفس الموضوع