رفيقاتي ورفقائي
ما أراه يتفاعل فيما بيننا بعد مضي عدة أشهر على الانتخابات الأخيرة في 13 أيلول الماضي، ليعلن أننا في الحقيقة أبعد ما نكون عن فهمنا الصحيح لحزبنا، وأنّنا نطلّ بصورة أبشع مما صوّره وروّج له معارضونا وأعداؤنا عن نقاط ضعفنا، وأننا في الحقيقة نفتقد عموماً للمسؤول المسؤول، الذي يستشرف ويقرّر وفق مصلحة الحزب والأمة. نعم وإن كنت قاسياً بحق أنفسنا فإننا بمعظمنا حتى لا أقول كلّنا، بعيدون عن الحالة المتوخاة التي أراد لنا سعاده أن نصلها.
رفيقاتي ورفقائي
كنت أأمل وما زلت من جميع القوميين أينما تموضعوا تنظيمياً أو ممن لا يتموضعون، أن نعمل لتحويل الأزمة الحزبية الحالية إلى فرصة تاريخية نعمل من خلالها صادقين لتحقيق وحدة الحزب، لكن ماذا حدث؟ ازداد التشنج وتبادلُ الاتّهامات وتقاذف النعوت والصفات السلبية بين الرفقاء من كلا الطرفين، دون أن نتلمس توجيهات عليا للحد من انتشار هذه الظاهرة المذمومة في حزبنا. فكل يوم نقرأ على صفحات التواصل الاجتماعي تهجّمات وتوعّدات واتهامات لا تليق بالحزب ولا بأعضائه. مما يوحي ويؤشر بقوة على إهمال القيادات الحزبية في العقود الماضية لعملية البناء العقائدي والأخلاقي والمناقبي لكل المقبلين على الدعوة، بل أنهم أطلقوا لهم العنان ليكونوا أبواقاً مدافعة عنهم لا بل شتّامة عنهم …
أيّها القوميون إن كنا نعتبر حزبنا الأمةَ السورية المصغّرة وأنه دولة هذه الأمة، وأن خلاصها من واقعها المتردي المقسّم المريض الضعيف يقع على عاتق حزبنا، وأن أعضاءه هم جنود نهضتها، وأنهم يحملون أمانة الدم في عروقهم بحيث يؤدون هذه الأمانة وقت تطلبها الأمة، فكم هو أبسط من ذلك بكثير أن نوقف تراشقنا وتبادل اتهاماتنا، وإظهارضعفنا وعفونتنا إلى الأوساط المتربصة بنا!!!
ترانا نطلب من حكومات الكيانات أن تحترمنا وتقدّر تضحياتنا، وأن يكون لنا فيها مساحات فكرية وسياسية.. وأن لا تُهدَر فيها تضحياتُنا.. الخ، فهل ما نقوم به ونصدّره عن أخلاقنا ومناقبنا المتنابذة يخدم هذا المطلب، ويزيد من احترام تلك الحكومات وشعبنا في كياناتها للحزب والقوميين؟!!
إنني أجد ما يُكتب عن بعضنا في هذه الفترة يتدنى لدرجة سيصفها حزبنا في قادم الأيام “بالمشينة” نعم ما وصلنا إليه لهو معيب بحق زعيمنا وقدوته، وبحق حزبنا وتاريخه ونضالاته، وبحق عقيدتنا التي تشكل الخلاص لأمة يسعى أعداؤها لدفنها كل يوم.
رفيقاتي ورفقائي
آن الأوان إن كنا ننشد فعلاً وحدة الحزب الحقيقية، وعودته ليأخد مرتبته الطليعية في أمتنا، أن نوقف فوراً هذه المهاترات والتراشقات الغريبة عنا، وأن يقاطع القوميون الواعون كل الأعضاء الذين يمتهنون هذا الأسلوب على صفحات التواصل الاجتماعي، وأن يعلنوهم أعداء الحزب وأعداء وحدته فلا فرق بينهم وبين من تنكبوا مهمة تشويه الحزب في الوطن وخارجه.
للبطولة والرجولة مساراتُها، ولم تكن يوماً في تبادلنا الاتهامات، ولا بدفاعنا عن أشخاص أو مسؤولين عملنا منهن آلهة ومخلّصين، وحُماة عهد، ومؤتمنين على دماء الشهداء و و و… وكأننا أصبحنا نثق بالأشخاص أكثر مما نثق بالمؤسسات الحزبية، أو أننا نفترض في غياب شخص معين أو مسؤول هنا وهناك ضياعاً للقضية وهدراً للأمانة وتفريطاً بالمنجزات…
لا يا حضرات، هذا بعيد كل البعد عن عقيدتنا ودستورنا وما أسّسه فينا سعاده. بدل أن نتحارب تارة بالسيطرة على مراكز بعضنا، وأخرى نستعين بغيرنا على بعضنا، تعالوا نعود إلى صفائنا، إلى النقاء السوري الذي تميزنا فيه واستنهضه فينا سعاده من أصالتنا السورية الممتدة إلى ألاف السنين. تعالوا نفكر بوجداننا القومي، ونتساءل إن كان المعلم بيننا هل سيكون راضياً على كل منّا؟!!
إن سوريانا بين الحياة والموت أيها الرفقاء والرفيقات ونحن نتناتش بعضنا على مسؤولية من هنا، أو على (رمز) من هناك، ونسينا أن القدوة الرمز لدينا هو سعاده وفقط سعاده.
حضرات الرفيقات والرفقاء..
بالأمس كنّا في وحدات حزبية واحدة، كنا نجتمع معاً، نخطط ونبتكر الأفكار ونتسابق لتحقيق نموّ ومصلحة الحزب… واتّحدت تضحياتنا وعرقنا ودماؤنا في سبيل الدفاع عن سوريا تجاه ما يهددها…
كنا جسماً واحداً وروحاً واحدة، جمعتنا نفس العقيدة ونفس الدستور ونفس النظام، ما الذي أصابنا اليوم لننقسم في وجه بعضنا بهذه العداوة؟!!! هل كنا ندجّل على بعضنا؟ هل كنا نزيّف حقيقتنا؟ هل كان كلّ منّا يهوذا داخل حزبنا؟
أبهذا نعيد الحزب الى قوته وألقه؟؟ .. ألا تدفعنا المرحلة والمصلحة الحزبية التي ضحّى جميعنا في سبيلها ما أمكنه، وعمل طاقته لخدمتها أن نتوقف عن هذا العزف الأليم الذي يحفر في نفوسنا، في روحيتنا، في صفحات نقائنا وهيبة إطلالتنا؟!!!
قد تأخذنا الحميّة والعصبية غير الواعية والغيرة الشخصية بعض الأوقات لنكون ما لا نحب وما لا يجب أن نكون… لكن الغلط كل الغلط أن نبقى كذلك لوقت أطول، فالحكيم من يعرف كيف يوقف هدر نفسه.
لا يستثني أحد منا نفسه أو يخلي مسؤوليته عما يجري ويتفشّى في فلكنا الداخلي أو الخارجي، فعلى الأقل قادر كل منا أن يُقصي عنه من يرغب أو يتقصد تشويه الحزب وإقامة الفتنة فيه، وإن لم يتمكن من إقصاء المسيئين فليُبعد نفسه عنهم، وليشعّ ولو فردياً بما ولّده فيه سعاده من نور النهضة.
رفقائي … إيّاكم والتحزّب خلف أشخاص، مطلق من كانوا ومهما كان تاريخهم، نحن نتحزّب في حزبنا، ولقضيته وزعيمه ونظامه، الأفراد يأتون ويذهبون أما الحزب فباق.
إيّاكم أن تجافي بينكم العصبيات الفردية او الجماعية او حتى التنظيمية … كلنا تعاقدنا مع سعاده وانتمينا بنفس الطريقة ولنفس الهدف وآمنا بنفس المبادئ وحملنا نفس القضية التي اعتبرناها تساوي وجودنا.
الأفراد في الحزب مهما علا شأنهم يبقون أفراداً يخطئون ويصيبون، لكن نحن في انتمائنا وايماننا ومحبتنا لبعضنا وعصبية تآخينا القومي نشكل اليقين الذي لا يتزعزع لو تزعزع كل الافراد وكل العالم.
أحبوا بعضكم بعضاً، ولا تكونوا ديّانين تطلقون الأحكام كيفما اتفق، بل دعوا الخلافات والمواقف الفردية تعالجها المؤسسات الحزبية المختصة.
قد أكون قسوت على نفسي قبل أن أقسو عليكم، لكن الوضع بالفعل لا يليق بنا، لا بل هو لطخة سوداء بتاريخنا، فهل من وقفة مع الذات تدفعنا كلنا للتخلي عن نزعاتنا الفردية وولاءاتنا الشخصية فنعود جنوداً في نهضة سعاده التي أوجدها لإحياء أمتنا وارتقائها؟!
فليكن نداء سعاده صادحاً دائماً في قلوبنا وحناجرنا: “أيها السوريون القوميون، أنكم ارتبطتم بعضكم ببعض وربطّتم أرواحَكم بعضها ببعض، لأنكم تعملون في سبيل المبادئ التي جمعتكُم بعضكم إلى بعض. فأبقوا مُنضمّين متضامنين وكونوا عَصَبة واحدة أينما سِرتم وكيفما توجّهتُم “.
ولتحي سوريا ويحي سعاده