يغيب آباءُ «الإينوما إيليش» عن الذاكرة الوطنية للأحفاد. فلا يعرف جيل اليوم أن من يسميها «أم الزلف» عندما يغني «الموليّا» هي أمه عشتار! وعندما تشح المياه، يقرر الأحفاد زراعة الأرض بعلاً، غافلين أنهم يلقون محنتهم على الإله السوري بعل كي يسقي الأرض! وحين يفتك بهم الجوع، يقولون: لم نذق الدجن! وينسون أنهم يقصدون إله الخبز دجن!
يحتفون بأعياد الربيع، من غير أن يعرفوا العلاقة بين تموز وعشتار وأسطورة النزول إلى العالم السفلي والانبعاث والعودة للحياة.
كأنَّ سورية القديمة التي يصادف تقويمها اليوم، العيد المعروف بـ«الأكيتو» وهو رأس السنة السورية، خارج الجعبة التاريخية للمؤسسات الرسمية التي لا تتردد بإحياء المناسبات العالمية التي حددتها الأمم المتحدة لتكريم الفنون مثل المسرح والسينما والشعر.. في حين تبدو السنة السورية التي تدخل عامها الـ6772 بعيدة عن دائرة الضوء، رغم أنها تتصل مباشرةً بنشوء الحضارة واكتشاف أول قصيدة وأول محراث وأول حبة قمح!.
أحفاد «الإينوما إيليش»، أصيبوا بالزهايمر! وهم يهرعون لتقليد الثقافات الأخرى في الفنون. يمارسون التجريد في التشكيل بلا انتماء محلي، والهايكو في الشعر بلا مقومات بيئية لهذا الفن، ويحتفون بالغرائبيات المستوردة، حتى باتت الذائقة مقطوعة الجذور. مع أن مآثر الذاكرة السورية متروكة في العراء لا يلتقطها أحد!
عيد السنة السورية، في الأول من نيسان، تحول إلى عيد «للكذب» مع أنه يرتبط بعيد الزراعة الأول في التاريخ البشري.
العامة يسمون الآرامية والسريانية لغة «الجان» مع أن الخبراء يعدّونها أم للغة العربية التي نتحدث بها الآن!. كأن القطيعة مع سورية القديمة التي رسمت ملامح البشرية، أمر مخطط له في دوائر عالمية بهدف الطمس والإظهار والتغييب أو التحوير والتجيير.
في كل هذا يبدو أحفاد «الإينوما إيليش» مغلوبين على أمرهم عندما ينسون أو يتناسون مناسبات تعدّ انعطافات في الإنسانية المدنية بدءاً من الأبجدية والسلم الموسيقي السباعي وصولاً إلى النصوص الملحمية الأقدم مما كتبه الإغريق، لكن التاريخ في كل مرة شاء أن يتواطأ مع ما كتبه المستشرقون عندما أزاحوا الصفة السورية من كل المعالم واستبدلوها بالإغريق والرومان ونحن تلقفنا كل ذلك بسبب جهلنا اللغات القديمة فاضطررنا إلى قراءة تاريخنا عن الانكليزية والفرنسية!
أحفاد «الإينوما إيليش»، أصيبوا بالزهايمر فعلاً! وتاريخهم مسفوك ومسروق ومغيّب. منذ أن قال أحد رجال الدين: “ليس هناك ما يسمى بالأمة السورية” ومرّ قوله مرور الكرام. وصولاً إلى رجم الثقافة السورية عبر الانهماك بالكذب في الأول من نيسان، عيد رأس السنة السورية.
أحفاد «الإينوما إيليش»، أصيبوا بالزهايمر. وحان أن يستيقظوا.. الآن! عرفتوا كيف؟
1 Comment
ممتاز
يستفذنا للتعمق بتراثنا
يجب اعادة قراءة مغامرة العقل الاولى لفراس السواح