زيد قطريب
فجأةً، قرر أبو الهبص اقتطاع جزء من مزرعة الأبقار التي يملكها، ليشيد بناءه الضخم. البناء كان فارهًا ومثيرًا لاستغراب البقرات اللواتي رحن يتساءلن ماذا يكون؟
إحدى البقرات قالت: لاشكّ أنه أوتيل خمس نجوم، خصّصه صاحب المزرعة لأجل رفاهية البقرات بهدف إدرار الحليب بكميات أكبر! لكن بقرة أخرى سخرت منها وقالت إن هذا القصر لابد أن يكون مخصّصًا للبقرات الولودات اللواتي تحتجن إجازات أمومة ورعاية أفضل. بقرة ثالثة أشارت بخوف إلى الأعمدة الحديدية والجنازير السميكة التي تبدو منتصبة عند المدخل. لكن أختها جزمت بأن هذه المعدات تؤكد أن البناء مدينة ألعاب وملاهٍ يشيدها أبو الهبص من أجل العجول الصغار كي يستمتعوا بوقتهم فلا يشغلوا الأمهات عن تناول العلف بهدوء ضمانًا لجودة الحليب.
العيون التي زرعها أبو الهبص في جميع أنحاء المزرعة، كانت تنقل إليه تفاصيل ما يجري على مدار الساعة، فقرر أن يعقد اجتماعًا للأبقار ليشرح لهم طبيعة المرحلة الجديدة ويبث الطمأنينة في نفوسهم حتى لا يخفّ انتاج الحليب أو تهبط جودته، في ظل العقود الكبيرة التي وقعها مؤخرًا مع تجار الجملة.
خلال الاجتماع تحدث أبو الهبص عن تطورات العصر السريعة بسبب التكنولوجيا وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي، وطلب من الأبقار ألا ينساقوا مع الإشاعات المغرضة التي تعمل على بث القلاقل في المزرعة. ثم شرح للأبقار أهمية هذا البناء الذي يعمره لأجل تطوير حياتهم نحو الأفضل. فقال إنه يتضمن جناحًا للاستشفاء ومعالجة المرضى من الأبقار، إضافة إلى جناح يديره اختصاصيون مهمتهم تدريب العجول على “التّشْبِية” والتلقيح في سن النضوج. إلى جانب قاعة للسينما وصالة للموسيقا والتدريب على الخوار بشكل شجيّ يكون مثالاً يحتذى في المزارع الأخرى.
كل يوم، كان العمال يقتادون الأبقار المختارة للذهاب إلى البناء الجديد. العجول السمينة التي يجب أن تمارس الرياضة خوفًا من ارتفاع الكوليسترول، والبقرات التي تراجع انتاج الحليب لديهنّ، من أجل إخضاعهن لجلسات المساج والمعالجة بالجاكوزي. الثيران الفائضة عن الحاجة كي تعمل في الإدارة والحراسة، إلى جانب البقرات العاقرات من أجل الاستشفاء.. الجميع كانوا يساقون في رتلٍ واحدٍ، وسط نظرات الحسد من بقية الأبقار، ثم يدخلونهم إلى البناء الحلم الذي كتب على واجهته: قصر المرتديلا.. عرفتوا كيف؟