LOADING

Type to search

نتاشا يتحول إلى جرزة بقدونس!

موضوع العدد نقد سياسي

نتاشا يتحول إلى جرزة بقدونس!

Avatar
Share

كل يوم يستيقظ ناتاشا على كابوس مرعب، فيصحو أهل البيت والجيران على صراخه العالي، ثم تسقيه زوجته من طاسة الرعبة وتطلب منه أن يفكر بأشياء إيجابية كي لا يرى منامات بشعة!

انقلبت حياة نتاشا إلى جحيم، وهدّد الجيران زوجته بالذهاب إلى الشرطة لتقديم شكوى ضد نتاشا الذي صار يجعر جعيراً مرتفعاً مع الوقت. الجيران قالوا: يا أختنا زوجة نتاشا الطيب، اذهبي به إلى الدكتور كي يعالجه من هذا الكابوس الذي يسبب القلق لجميع من في الحي!

اتصلت الزوجة مع الطبيب النفسي وأخدت موعداً بعد أن أقنعت نتاشا بالذهاب والفضفضة بكل ما يصيبه، عساه يجد حلاً لهذا المرض المجهول.

في العيادة، استلقى نتاشا على السرير وأغمض عينيه واسترخى خلف الستائر المسدلة التي كانت تعطي جواً رومانسياً للغرفة مع الموسيقا الكلاسيكية الهادئة. الطبيب سأل نتاشا عن وجبة العشاء التي يتناولها قبل النوم، وطبيعة الأفكار التي تنخر مخه قبل أن يغلق عينيه. كان الطبيب يدون المعلومات بدقة، بينما نتاشا يلهث وصدره يرتفع ويهبط من سرعة الشهيق والزفير. الطبيب قال لنتاشا: والآن حدثني عن الكابوس الذي تراه كل ليلة بالتفصيل.

انتفض نتاشا بسرعة وحاول النهوض وهو يصرخ، لكن الدكتور ثبته جيداً بمساعدة زوجته وسكرتيرة العيادة. لكن نتاشا لم يهدأ إلا بعد أن استخدم الحكيم أسلوب التنويم المغناطيسي، فاسترخى وبدأ بالبوح:

كل ليلة يا دكتور، أحلم بأنني تحولت إلى جرزة بقدونس! فأصاب بالرعب كيف أذهب إلى الوظيفة على هذا النحو، وما إن تراني زوجتي حتى تهرع إلى سكين المطبخ تريد أن تفرمني مع التبولة. أحاول أن أقنعها أنني زوجها ولست جرزة بقدونس كما تتخيل، لكنها تطاردني من غرفة النوم إلى الصالون وغرفة الضيوف، فتتكسر أغصاني وتتنتف أوراقي قبل أن أتمكن من فتح الباب والخروج إلى الشارع، لكن الجيران يركضون باتجاهي يريدون القبض عليّ كي يفرموني مع السلطة. فأهرب باتجاه الشارع العام، فتطاردني شرطة المرور لأنني جرزة بقدونس لا يفترض بها الركض وعرقلة السير. أصحاب المطاعم وباعة الخضار والسوبرماركات، جميعهم يريدون تحويلي إلى فتوش! ولا أستيقظ سوى على صفعات قوية تكيلها زوجتي الطيبة على وجهي بمساعدة الجيران المجتمعين من كل طوابق البناية!

فكر الدكتور طويلاً، ثم هز رأسه وراح يشرح لنتاشا أنه إنسان طبيعي ولديه زوجة وأبناء وجيران ولا علاقة له بجرزة البقدونس المصنفة ضمن فصيلة الورقيات وهي أليفة وطيبة مع شتى أنواع الطعام. اقتنع ناتاشا بأنه ليس جرزة بقدونس، فهو ليس أخضر، ولا يمتلك أوراقاً متعرجة الحواف ولا سيقاناً طويلة ولا يربط بمطاطة كما يفعل البائعون عندما يسطرون جرز البقدونس على السحاحير في المحل!

خرج نتاشا مطمئناً سعيداً مع زوجته من عيادة الدكتور. واستقبله أهل الحي والبناية وهم يباركون عودته إلى حالته الطبيعية. ليلة جميلة قضاها نتاشا مع العائلة قبل أن يدخل غرفته مستسلماً للنوم.

في الثالثة فجراً، هجم الكابوس على نتاشا مجدداً، وبدأ بالصراخ والركض داخل الغرفة كأنه يهرب من شيء يطارده. فاجتمع الجيران وأهل الحي، ثم اتصلوا بالدكتور فأتى على جناح السرعة كي يرى سبب انتكاسة نتاشا بعد أن خرج من العيادة على خير ما يرام.

قال نتاشا للحكيم: يا دكتور، اقتنعت أنني صاحب عائلة ولدي جيران، وأذهب كل يوم إلى الوظيفة، ومن غير الممكن أن أكون جرزة بقدونس. لكن أريدك أن تقنع الحكومة وزوجتي والجيران وأصحاب المطاعم ومحلات الخضار وشرطة المرور، ألا يحملوا السكاكين ويلاحقوني معتقدين أنني جرزة بقدونس.. عرفتوا كيف؟

Print Friendly, PDF & Email
Twitter0
Visit Us
YouTube
YouTube
LinkedIn
Instagram0

Leave a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Contact Us


Please verify.
Validation complete :)
Validation failed :(
 
Thank you! 👍 Your message was sent successfully! We will get back to you shortly.