LOADING

Type to search

لا ترجع يا فايز.. البنزين ارتفع 140%

الوطن السوري موضوع العدد

لا ترجع يا فايز.. البنزين ارتفع 140%

خالد معماري
Share

استيقظنا صباح الأحد الفائت على قرار رفع أسعار البنزين، على الرغم من انخفاض أسعاره في أغلب دول العالم، إلا أن الحكومة ارتأت رفعه، مبررة قرارها بالارتفاع العالمي الحاصل للمادة، والخسائر التي تتكبدها جرّاء ثبات السعر، والمشكلة ليست بالقرار الذي أغضب السوريين، ولا بمخالفته لحركة الأسعار العالمية، ولا بتوقيته الكارثي، المتزامن مع موجات الجوع التي تضرب السوريين، بل بنسبة الرفع التي أصابت الجزء المدعوم منه، والتي بلغت 140%، وهي نسبة ليست كبيرة فقط، بل صادمة، فحكومات دول العالم، عندما تتخذ قرارات من شأنها رفع الدعم، أو رفع سعر أي مادة أو خدمة، ترفعها تدريجيًا، بحيث لا تتجاوز قيمتها العظمى نسبة 25%، والأمر يعود لعدة أسباب، أبرزها عدم إثارة غضب المواطنين، وبالتالي إعلان رفضهم للقرار، ونشر الفوضى.. لكن من الواضح أن لحكومتنا قراءات مختلفة للواقع.

سياسة رفع الدعم ليست نهجًا جديدًا يُتبع في سورية، فالأمر بدأ قبل الحرب، حيث يمكن العودة إلى نهاية عام 2007، لنجد قراراً حكومياً يقضي برفع سعر لتر البنزين من 30 ليرة إلى 36 ليرة، وبعد أقل من أربعة أشهر، بداية عام 2008، صدر قرار آخر، رفع السعر من 36 إلى 40 ليرة، وبعد شهر صدر قرار يقضي برفع سعر أسطوانة الغاز المنزلي من 145 ليرة إلى 250 ليرة، والمازوت المدعوم من 7 ليرات إلى 9 ليرات، أما المازوت الحر فقفز إلى 25 ليرة، وعلى الرغم من أن القرارات الأخيرة تزامنت مع رفع الرواتب بنسبة 25%، إلا أن رفع سعر المازوت الحر بنسبة 357%، أدى حينها إلى خلق فوضى كبيرة، وحدث ما يشبه إضراب سائقي (السرافيس) عن العمل، حتى أن عدة وكالات عربية، وثّقت الحدث في تقاريرها الإعلامية، مؤكدة أن السوريين وجدوا، صبيحة القرار، صعوبة فائقة في التنقل من بيوتهم إلى أماكن عملهم، وكان من ضمنهم وكالة، التقت بالسيد فايز، وهو رجل يسكن في خان الشيح (20 كم جنوب غرب دمشق)، ويعمل في إحدى شركات القطاع الخاص، وقد اشتكى لمراسل الوكالة اختفاء (السرافيس)، الأمر الذي كبده دفع مبلغ 200 ليرة سورية أجرة (تكسي)، للوصول إلى مكان عمله، بينما كانت الرحلة (بالسيرفيس) لا تتجاوز 10 ليرات، واعتبر (فايز) أن المبلغ كبير جداً، بالمقارنة مع راتبه الشهري البالغ 10 آلاف ليرة سورية.. وأكد للمراسل أنه يتوقع أن ترتفع أجرة (السرفيس) ضعفين أو ثلاثة على الأقل بسبب القرار.

من الوضح أن السيد فايز كان غاضباً في ذلك اليوم، فهو لم يكن يعلم أن راتبه المتواضع، يستطيع شراء 40 أسطوانة غاز، وبإمكانه أن يتحول إلى أحد كبار تجار غاز السوق السوداء، لو كان يعيش في يومنا هذا.. أو قد يشتري له ألف لتر مازوت، ومن المعلوم أن أرباح تجارة المازوت الأسود، في يومنا، تقارب أرباح تجارة المخدرات.

لم نعد نعلم ماذا حلّ بفايز بعد 14 سنة من حادثة عدم إيجاده للسرفيس.. فمواطن بهذا القدر من الغضب، ماذا كان سيفعل لو أن أجور تنقلاته (بالسرافيس) فاقت راتبه مثلاً، أو أن الأخير، لم يعد يكفيه ثمناً ليأكل، قبل اقتطاع أجور المواصلات؟!

لن نتوقع نهاية حزينة للقصة، نؤكد فيها أن فايز مات بالجلطة.. والجلطة لم تكن هي السبب المباشر لموته، بل غلاء وعدم توفر المحروقات، الأمر الذي أدى إلى عدم توفر وسيلة نقل لإسعافه.. بل يمكننا القول أن فايز ترك البلد، وسافر إلى دولة تتوفر فيها وسائل النقل المريحة، ومحروقات، ورواتب تؤمن استخدام ما سبق، وبقاء الموظف على قيد الحياة.. وحياة البشر فيها معايير واضحة، وشروط.

Print Friendly, PDF & Email
Twitter0
Visit Us
YouTube
YouTube
LinkedIn
Instagram0

Leave a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Contact Us


Please verify.
Validation complete :)
Validation failed :(
 
Thank you! 👍 Your message was sent successfully! We will get back to you shortly.