Historical Document: The American Zionist Emergency Council on its meetings with a Phalange delegation, 1950.
في مطلع شهر تشرين الثاني سنة 1950، قام وفد من “حزب الكتائب اللبنانية” بزيارة إلى الولايات المتحدة الأميركية حيث جال على عدد من المدن لعقد لقاءات مع أبناء الجالية اللبنانية، خصوصاً الموارنة منهم. وكان الهدف من تلك الجولة الحصول على معونات مالية استعداداً لخوض الانتخابات النيابية المقرر إجراؤها في لبنان سنة 1951
ترأس الوفد إلياس ربابي، رئيس تحرير جريدة “العمل” وأحد أبرز القيادات الكتائبية آنذاك. وقد انتهز الوفد فرصة وجوده في الولايات المتحدة لإجراء اتصالات مع شخصيات إسرائيلية موجودة في مدينة نيويورك. لكن اضطرار الطرف الإسرائيلي الرسمي المفاوض إلى مغادرة نيويورك عائداً إلى فلسطين المحتلة ألقى على عاتق سلاميث شوارتز، المسؤولة في المجلس الصهيوني الأميركي، مهمة متابعة الاتصالات مع الوفد الكتائبي. وقد أرسلت شوارتز إلى وزير الخارجية الإسرائيلي موشي شاريت تقريراً سرياً بتاريخ 20 تشرين الثاني سنة 1950 ضمنته النقاط الأساسية التي بحثتها مع ربابي والوفد المرافق له.
يقدم لنا التقرير معلومات عن علاقة الكتائب بالحركة الصهيونية، وسعيهم إلى الخروج من الجامعة العربية، وترحيبهم بإقامة علاقات كاملة مع الدولة الإسرائيلية الوليدة. ولا شك في أن قسماً أساسياً من التفاصيل التي تضمنها التقرير بات معروفاً على نطاق واسع ومؤكد لجهة العلاقة التاريخية الوثيقة بين الكتائب وإسرائيل، والتي بلغت ذروتها في تحالف بشير الجميل مع الدولة الصهيونية لاجتياح لبنان واحتلال عاصمته صيف العام 1982.
لكن ما يهمنا في هذا التقرير ورود مقطع يتحدث عن “قوة الكتائب العسكرية”، وكيف أنها راحت توظفها على الساحة اللبنانية لخدمة أهداف سياسية محلياً وإقليمياً. تقول سلاميث شوارتز حرفياً:
“ومن الأمثلة الفاقعة على الدور المميز الذي تلعبه الكتائب كحزب شعبي ذي قوة ضاربة هو ما قامت به خلال حزيران وتموز سنة 1949 عندما أدركت وجود خطر وقوع انقلاب مؤيد لسوريا في لبنان يقوده الحزب القومي المؤيد لسوريا بقيادة أنطون سعاده. فعمدت إلى مهاجمة اجتماعات السعاديين وأجبرت الحكومة على اتخاذ إجراءات ضد سعاده وحزبه”.
إذا تغاضينا عن “الأخطاء” المقصودة في الإشارة إلى “خطر وقوع انقلاب مؤيد لسوريا في لبنان”، وهو أمر لم يكن وارداً قط عند سعاده قبل شن اعتداء الجميزة على يد عناصر الكتائب، فإن نص شوارتز يكشف عن تقاطع الخطوط والمصالح بين حكومة رياض الصلح والكتائب والحركة الصهيونية في الأحداث التي وقعت صيف العام 1949. إن خطة على مستوى اعتداء الجميزة، وشن حملة اعتقالات واسعة ومعدة سلفاً ضد الحزب السوري القومي الاجتماعي، ثم خيانة حسني الزعيم لسعاده… لا يمكن إلا أن تكون جزءاً من مشروع متشعب كانت الدولة الصهيونية مكوناً أساسياً منه مباشرة… أو من خلال المرتبطين بها لبنانياً وسورياً وعربياً!