نهج فلسطين-رئيس التحرير
لا أدري أي درجة من المازوشية دفعتني للاستماع الى خطب كل من محمود عباس ودونالد ترامب وبنيامين نتنياهو بمناسبة ما سمي بصفقة القرن. ولكني شعرت أنه إذا كان علينا مواجهة التحدي، علينا تحمل ساعة من بالألم. كان على الوجع أن يحرق لكي يصل إلى نقطة لا يعود يؤلم بعدها على حد تعبير الكاتبة الأميركية آين راند.
كان المشهد سورياليا على أكثر من صعيد. على منبر رام الله المسؤولون عن الكارثة الفلسطينية. على منبر البيت الأبيض، المسؤولون عن الانتصار الإسرائيلي. في قاعة رام الله صفين من الشيوخ على حد وصف محمود عباس، يستمعون إليه يعدد إنجازاته، ويعترض على أخذ 40-30٪ من “دولة فلسطين” وهي الـ 22٪ الباقية من فلسطين التاريخية. يستغرب عباس: “رضينا بالبين والبين مش راضي فينا”! مسكين. لم يدرك أن ما وصل إليه هو نتيجة وقوفه في البيت الأبيض يوم توقيع اتفاقية أوسلو معلنا توبته عن “الإرهاب”.
مسكين عباس. ليت شيبته لم تشهد إذلالا كهذا.
في البيت الأبيض بعض الكهول، أما الأكثرية فشباب وشابات بل وصِبْيَة، معظمهم يرتدي القلنسوة اليهودية يستمعون إلى نتنياهو يقيم المقارنة بين ترامب وترومان، وبينه وبين بن غوريون. لقد كان يوما إسرائيليا بامتياز. المكاسب التي لم يذكرها ترامب عددها نتنياهو: المستوطنات، غور الأردن، التعاون الأمني والاستخباراتي وتقنية المعلومات. أما للفلسطينيين فشعور بـ “الكرامة الوطنية” وخمسون مليار دولار شرط التخلي عن “الإرهاب” وتجريد غزة من السلاح والقضاء على حماس والجهاد الإسلامي وتوطين اللاجئين الفلسطينيين حيث هم وعدم مساعدة أهالي الشهداء أو الأسرى أو جرحى الاعتداءات الإسرائيلية.
نتنياهو أعلن أنه على كامل الاستعداد لتبني هذه الخطة.
وطبعا لا يكتمل المشهد دون شهود الزور الظاهرين من سفراء عرب الإمارات والبحرين وعمان. أما ما خفي فهو أعظم.
هذا هو المشهد. ولا حاجة لوصفه أكثر، لن أضع الروابط. من يرغب بالمشاهدة عليه البحث.
وبعد،
على المسؤولين عن أوسلو أن يقدموا استقالاتهم جميعا. لقد أخذونا في مسار فاشل وعليهم تحمل مسؤولية ذلك. وعلى القيادة الفلسطينية الجديدة التي لا بد وأن تقوم، أن تعلن موت نهج أوسلو وولادة نهج فلسطين. كل فلسطين. الباقي تفاصيل.
جلسة الموازنة اللبنانية
لا شك ان خطاب النائب السوري القومي الاجتماعي في البرلمان اللبناني، سليم سعاده، عن الوضع الاقتصادي والمالي والنقدي، قد حظي بأكبر عدد من المشاهدات والتعليقات والنقل بين خطب البرلمانيين. لقد كان خطابا جادا وفكاهيا في آن. لقد خاطب أهل الاختصاص بلغتهم، ولكنه خاطب معظم البرلمانيين اللبنانيين بلغتهم اليومية التي يفهمون.
كلمات النائب سعاده الجنسية الإيحاء خدشت حياء ديما صادق. ليت حياءها خُدش يوم اغتُصبت أموال الناس وكراماتهم.
وببراءة الأطفال سأل النائب سعاده عن “الناهبين” وهم حوله، وعن قادة المليشيات وزعماء الطوائف وهو في وسطهم وعن بناة أهرامات Ponzi وهم يطوقونه في المجلس وفي المالية وفي المصرف المركزي وفي المصارف.
أما سخرية القدر الأكبر فهي أن رئيس كتلته النيابية هو واحد من كل هؤلاء وشريك لهم في تفليسة البلد. سخرية القدر هذه أجبرت سليم سعاده على التصويت مع الموازنة “اللقيطة” كما سماها كونها أهون الشرين! في بدء كلمته، اعترف سعاده أنه انتخب نائبا سنة 1992 وانه يتحمل مسؤولية القرارات التي اتخذت آنذاك. هل سيتحمل مسؤولية القرارات التي ستنجم عن الوضع الحالي!
كلمة أخيرة. لم يكن النائب سعاده دقيقا في كل ما قاله. ليس في علمنا أن سياسيا لبنانيا واحدا يطعم دون أن يأكل.