1

رأي الفينيق: من تحت الركام

 

الحزب السوري القومي الاجتماعي الذي اسسه سعاده سنة 1932، في حالة انهيار تام. إنه ثلاث “شلقات” كبيرة ومتفاوتة الحجم، وشلقات عديدة أصغر، ناهيك عن الحجارة المتساقطة هنا وهناك. لم يبق من هذا البنيان العظيم سوى الأساس. بعض من كان فيه قد قضى، وبعضهم صامت أو يئن من وطأة الألم، وبعضهم يتلهى بطلاء الشلقات وتجميلها، وبعضهم يتقاتل بصخب فوق الحجارة أو تحت الركام.

والقوميون أمام خيارين: الاستمرار في ما هم عليه أو أخذهم القرار بإعادة البناء. لن نبحث في الخيار الأول، فهو انتحار بطيء. سوف نركز على الثاني.

 

الخطوة الأولى لإعادة البناء هي في خروج البنّائين أولا من تحت الركام وترك من لا يستطيع سوى المقاتلة أو البهرجة في حاله. الخطوة الثانية هي في تنظيم أنفسهم في فرق عمل، والثالثة هي في وضع خطط تأخذ العبر من أسباب الانهيار فتعيد البناء بما يمنع تكرار الانهيار.

السؤال الأول الذي يجب الّا يغيب عن نظر القوميين هو “لماذا تأسس هذا البنيان الجميل، ولماذا انهار؟” لقد تأسس ليكون قاعدة انطلاق “لحياة أجود في عالم أجمل وقيم أعلى.” ولإطلاق نهضة يحملها قاطنوه ويعمموها في بلادهم فتنتج حيوية واستقلالا نفسيا وماديا، وقوة تثبّت سيادة بلادهم وتقيم لها نظاما جديدا يكفل تحقيق مصالحها، فتمد يد الصداقة والتعاون للعالم كله بدءًا من جيرانها الأقرب. لهذا تأسس هذا الحزب.

أما سبب الانهيار فهو تحويل البنيان من قاعدة انطلاق إلى وكر للفساد واللصوصية في جناح منه، وحلقات ذكرٍ وترحمٍ في جناح، وقوقعة وانعزال في جناح آخر. وتحت هذا التحول ينطوي استبدال الوجدان القومي كقاعدة أخلاقية، بالنزعة الفردية. وفي كل من الاجنحة الثلاثة هناك مخلصون أوفياء متألمون، ولكن وبكل أسف، متعايشون مع الفساد واللصوصية وحلقات الذكر والقوقعة والانعزال! صوت هؤلاء ضائع وجهدهم هباء. هذا هو الوضع كما نراه.

لنتبعد عن الأمثال ولنتكلم بوضوح.

التنظيمات الثلاثة القائمة لا علاقة لها بنظرة سعاده إلى الحياة ولا بغاية الحزب. واحد منها ينهار وآخر على حافة الانقراض وثالث يطلي كيانيته الشامية بطلاء برّاق.

المعارضات لنهج مركز الروشة رجراجة في تضاربها وفي مواقفها وفي صخبها وفي الاتهامات التي يوجهها أطرافها بعضهم لبعض والتي نراها يوميا على صفحات التواصل بحيث إذا اختلف اثنان في الرأي ينتج عن ذلك ثلاث حركات. الآن، هناك حركة جمعت عددا من المعارضين تضم في صفوفها أشخاصا مميزين ولكنها تقف عند مفترق طرق حاسم. إنها في صدد الإعلان عن نفسها في منتصف هذا الشهر في واحد من شكلين:

  1. تنظيم جديد يستوحي فكر سعاده ودستوره فينتقي مجلسا اعلى ورئيسا فيقع في خطر ان يُنظر إليه كشق رابع
  2. هيئة إدارية مهمتها استنهاض القوميين لتنظيم انفسهم في وحدات مستقلة عن أي من المراكز الثلاث تنتخب مندوبين لها إلى مؤتمر عام خلال فترة زمنية معينة ينتج عنه قرارات تؤثر في مستقبل الحزب.

قبل أن نعطي رأينا في أي من الشكلين أفضل، نقول إنه ما لم يقم القوميون خاصة المعتكفين منهم بإعادة تنظيم انفسهم في مديريات مستقلة عن المراكز الثلاث فإن مستقبل الحزب كله يجب إعادة النظر به. وأية حركة تفشل في تحريك القوميين في هذا الاتجاه وتكسب تأييدهم محكومة بالفشل.

هذه يجب ان تكون حقيقة نسلّم بها جميعا.

بالتالي فإننا لا نرى جدوى في الخيار الأول الذي يدعو الى انتقاء رئيس حزب ومجلس أعلى، مهما كان القائمون عليه نزيهين ومخلصين، لأن القوميين لن يروا فيه سوى انشقاقا رابعا. نحن نفضل الخيار الثاني.

إننا ننوه بجهود الرفقاء الذين تنادوا لعقد هيئة استثنائية تخرج بمقررات حاسمة، ولكننا ندعوهم لعدم الاستعجال وحرق المراحل. إننا ندعوهم إلى وضع مُخْرَجٍ واحد من هذا اللقاء: دعوة القوميين المبددين إلى إعادة التنظيم انطلاقا من مرسوم الطوارئ لعام 1936.