ملف ندوة مناقشة وتوقيع كتاب “الاسباب والعوامل الحزبية الداخلية في تاريخ استشهاد سعادة”
إن ندوتي مناقشة وتوقيع كتاب “الاسباب والعوامل الحزبية الداخلية في تاريخ استشهاد سعادة” في كل من طرابلس وضهور الشوير في 13 و16 حزيران 2019، كانتا مناسبة لكشف وإبراز ما يعاني منه الحزب السوري القومي الاجتماعي اليوم من غربة شبه كلية عن معنى النهضة الفكرية والثقافية والمعرفية التي قام عليها والتي أطلقها في الأمة السورية منذ تأسيسه سنة 1932.
إن ندرة البحث والانتاج والتأليف، أكان من الاعضاء الحزبيين أو من المؤسسات الثقافية في الحزب، ليست هي السمة الوحيدة التي تطبع الحزب في ظل قياداته الانقسامية الثلاث أو الاربع الحالية. بل إن ما لُمس خلال الاسبوع الذي عقدت فيه الندوتان، ما هو سوى اضطهاد للفكر والمفكرين والثقافة والمهتمين بها عبر محاولة إرهابهم بالقوة والتهديد بشكل سافر وعلني، أو بإتهامهم بالخيانة والعمالة والتآمر أو بشتمهم ورميهم عشوائياً بأقذع الاوصاف.
أبرز ما رافق الندوتين هو إتخاذ السلطة التنفيذية في الحزب السوري القومي الاجتماعي – مركز الروشة قرارين: قرار بمنع قراءة الكتاب، بصيغة “النصح بعدم قراءته“، وقرار بمنع القوميين من حضور ندوة مناقشته، بصيغة “بناء لقرار حضرة رئيس الحزب يطلب عدم المشاركة في الندوة التي ستقام في ضهور الشوير لتوقيع كتاب شحادي الغاوي، يُطلب تعميمها على جميع القوميين“.
ثم قرار ثالث بمنع إقامة الندوة في دار بلدية ضهور الشوير. وهذا القرار الأخير حمل تهديداً صريحاً بمنع الندوة بالقوة، نعم بالقوة، وقد ابلغ ذلك رئيس الحزب، قبل أن يستقيل، لاحد الامناء وقال له: “لقد اتخذنا القرار وسنضع على باب البلدية من يمنع الناس من الدخول”. هذا وقد أقر رئيس الحزب، ومعظم العمد أنهم لم يقرؤا الكتاب، بل كلفوا أحدهم بذلك وهو قرر أن الكتاب مسيء الى الحزب، فوافقوه واتخذوا قرارهم بالمنع والحضور والقراءة.
الشيء الثاني هو تعرض الكاتب وجميع المشاركين لحملة شعواء من أحد المسؤولين في تنظيم آخر – مركز الدورة، ننشر نصه كاملا مع هذا الملف.
أما القوميون المتعطشون لدراسة تاريخ حزبهم ومعرفة ما خفي منه، فكان لهم رأيهم هم أيضا، ونحن ننشر مع هذا الملف عددا من الكلمات والآراء بحيث يأخذ القارئ فكرة عن الجو العام الفكري والثقافي السائد.
أما بعد، إن سبب إعطاء مجلة الفينيق هذا الحيّز لا يتعلق بمضمون الكتاب بمقدار ما يتعلق بكيفية التعاطي مع المسائل الأساس التي أثارها الكتاب وهي حرية النقد التاريخي وضرورة المساءلة وكسر الطواطم الفكرية.
سعادة يدعو للمعرفة والبعض يدعون للجهل.
سعادة يدعو الى النهضة وثمة من يدعون الى الخنوع
سعادة يدعو الى اليقظة وغيره يدعون الى الغفلة
سعادة يدعو الى الاطلاع لتكوين رأي وهناك من يبدون رأياً دون إطلاع، إنهم يتبلغون…ويبلغون…
الديكتاتورية تقتات من الجهل وتتغذى به، أما الحرية فمن المعرفة.