ملف الشهيد نزار بنات: اغتيال بنات، بداية لتصفية أوسلو وملحقاتها؟ د. ناصر الكفارنة
من الصعب أن توفي أو تعطي الكلمات الشهيد المغدور نزار بنات حقه، وهو الذي أحبّ فلسطين، واعتبره الكثيرين نموذج للفلسطيني الثائر، ناضل بصوته وكلمته ورأيه ورؤيته من أجل فلسطين وقضيتها على المستويين الخارجي والداخلي، أولا: مواجهة الاحتلال وأعدائه سواء على الأرض أو في ساحة الاشتباك على وسائل التواصل الاجتماعي، وثانيا: ضد الفساد والظلم والاستبداد الذي يعيشه الفلسطيني داخل الأرض المحتلة. لقد كانت كلمات نزار ومواقفه الموجهة للاحتلال واضحة وخاصة في دعمه وتأييده للمقاومة بكل أشكالها في وجه الغزاة الصهاينة سواء في الضفة الفلسطينية أو الداخل أو في غزة خلال معاركها على مدار السنوات الماضية وكان أكثر وضوحا خلال المعركة الأخيرة “ معركة سيف القدس” التي كانت بمثابة زلزالا ضرب الكون برمته ، فكانت كلمات نزار لها تأثير واسع في الضفة الفلسطينية والداخل والخارج ، ولم ير تجف لتهديدات الاحتلال وأعوانه ، وكان قلمه وصوته في فيديوهاته مدوياً وصارخاً في دعمه للمقاومة وضد الاحتلال وإجرامه تجاه أبناء شعبنا العُزل من النساء والأطفال والشيوخ في غزة أو ضد ممارسات الاحتلال الاستيطانية والتهجيرية والاحتلالية التي تهدف لتهويد القدس والأقصى. وكان صوته مدويا ضد كل ما يجري من عدوان متواصل ضد الأقصى وحي الشيخ جراح وأحياء بلدة سلوان بشكل كامل وضد كل ما يجري من تهويد في الضفة الفلسطينية والقدس في الأراضي المحتلة منذ عام 1948. وكذلك كان ضد كل جرائم واجراءات الاحتلال الصهيوني تجاه قطاع غزة على مدار السنوات الماضية الهادفة لتجويع وتركيع أهل غزة والعمل على تحويلها إلى أكبر سجن في العالم على مرأى ومسمع المجتمع الدولي الذي يكيل بمكيالين تجاه ما يتعلق بحقوق الانسان والديمقراطية والممارسات العنصرية.
وأما في الشأن الداخلي الفلسطيني كان رافضا لكل اجراءات السلطة بشكل خاص ضد غزة والتي تزيد الحصار والأوضاع سوءاً من خلال العقوبات التي تُفرض على غزة من قيادة السلطة والمنظمة والتي تجاوزت كل الحدود التي من الممكن أن يتحملها أي فلسطيني حر. وكانت كلمات نزار وفيديوهاته واضحة كل الوضوح في رفض هذه الاجراءات والمطالبة برفعها عن أهلنا في غزة المقاومة التي أذهلت بمقاومتها العالم العدو قبل الصديق.
نزار كان مناضلاً صلباً وعنيدا ضد كل الممارسات السلبية والسيئة للسلطة ضد أبناء شعبنا في الضفة الفلسطينية وانتهاكاتها لحقوق الانسان من قبل الأجهزة الأمنية في السلطة نتيجة للعقيدة الأمنية التي تحكم هذه الأجهزة التي في جوهرها حماية السلطة وقيادتها، والالتزام الحرفي بتنفيذ اتفاقيات أوسلو وعقيدة دايتون وكذلك حماية الاحتلال والاستيطان والشواهد عديدة لا مجال لذكرها في هذه العجالة. وكان الشهيد ناقدا حادا لممارسات السلطة وفسادها المنتشر تقريبا في كافة مناحي عملها ورافضا قويا للتنسيق الأمني وكل العلاقات مع الاحتلال على حساب قضيتنا الوطنية، باعتبارها خدمة مجانية للاحتلال. لقد وصفهم بوكلاء للاحتلال وللمستوطنين والمستوطنات وَوَقف ضد ممارسات الأجهزة الأمنية ضد المقاومين والمنتفضين في كل أرجاء الضفة الفلسطينية، وكان على قناعة بأنهم يعملون بكل طاقاتهم وقدراتهم على منع اي عمليات مقاومة ضد الاحتلال والمستوطنين.
وأخيراً كانت كلماته وصوته ضد صفقة جرعات لقاحات وباء الكورونا والتي أوقفتها وتراجعت عنها حكومة وأجهزة السلطة بعد أن تم كشف هذه الجريمة التي كانت تأثيراتها كارثية على كل أبناء شعبنا فيما لو تمّت. هذه الصفقة التي كانت تقضي بتسليم رام الله مليون وأربعمائة ألف جرعة لقاح (فايزر) من مخازن وزارة صحة الاحتلال، بعدما شارفت صلاحياتها على الانتهاء نهاية شهر 6 (نقلا عن جريدة الأخبار اللبنانية بتاريخ 25 /6/2021) كانت لتكون جريمة مكتملة الأركان على يد متنفذي السلطة. لقد وافق رغبة الاحتلال التخلص من هذه الجرعات مصلحة مالية لدى بعض رجالات السلطة الذين كانوا جاهزين لتسويقها على شعبهم، في الفترة التي ستكون انتهت صلاحياته، وستكلف خزينة السلطة مبالغ مالية كبيرة.
يرى الكثير من النشطاء والسياسيين المعارضين ومن ضمنهم كان الشهيد نزار بنات بأن هذه الجريمة الواضحة يجب أن تطيح برؤوس عدد من رموز السلطة المتنفذين والفاسدين والذين شاركوا في هذه الجريمة. ومن جهة أخرى يرى كثيرون من قادة الرأي والمعارضين والنشطاء بأن جريمة تصفية الشهيد بنات يجب أن تكون بداية لنهاية الطغمة الحاكمة في السلطة وتكون الخطوة الأولى في مسيرة الألف ميل لتصفية اتفاقيات أوسلو وملحقاتها وعلى رأسها التنسيق الأمني والعلاقات مع المحتل واعادة الاعتبار لقضيتنا الوطنية واعادة البوصلة في الصراع مع المحتل على أرض فلسطين.