ملف الحرب على سوريا-الفينيق
تمهيد
تتداول الأوساط الناشطة في المجال العام تعبير “إعادة الاعمار” وذلك عندما تتناول أبحاث العاملين في هذه الأوساط ما آلت اليه الأمور في الجمهورية العربية السورية. وفي الظن أنه اذا سئل عدد من هؤلاء الناشطين عمّا يعني لهم هذا التعبير لكانت الاجابات متنوعة ومتعددة وربما اقتصرت على اعادة بناء ما تهدم من الحجر والشجر.
إلّا أن هذا التعبير يجب ألّا يعني إعادة الحجر والشجر الى ما كان عليه قبل الحرب بل في مجالات الحياة كافة أي في المجالات الاجتماعية والتربوية والاقتصادية والسياسية والعسكرية والتخطيطية الخ….
في الحرب التي لم تنته تماما حتى الآن، رغم مضي نحو ثمانية أعوام على بدءها، تجرأ على السوريين كل أعدائهم الصريحين منهم والأفّاكين. تجرأ عليهم بصفاقة منقطعة النظير الاسرائيلي كما لم يفعل في السابق وتجرأ عليهم الأميركي والبريطاني والفرنسي وحتى العربي والتركي وكانت النتيجة أن السوريين خسروا مقادير كبيرة جدا من الدماء الزكية البريئة كما خسروا مقادير كبيرة جدا من المنشآت العامة كالمدارس والمستشفيات ودور السكن والبنى التحتية والفوقية كما خسروا صناعات وأسواق وثروات طبيعية وغير طبيعية.
يجب أن تكون نقطة الانطلاق في عملية اعادة الاعمار سؤال يشبه ذلك الذي طرحه أنطون سعادة على نفسه عندما بدأ يركز فكره النير الفذ على مشاكل سورية الطبيعية وهو “ما الذي جلب على شعبي هذا الويل.” وهو الويل الذي كان رغم فداحته وقساوته أقل بكثير مما حل بالسوريون في خلال السنوات الثمانية الماضية بل وحتى قبل ذلك منذ تم زرع الكيان الاسرائيلي في بلاد الشام. يجب أن يكون السؤال في الوقت الراهن لماذا تجرأ ويتجرأ علينا اليهود والأتراك والأميركيون والبريطانيون والفرنسيون وبعض العرب؟ يكمن الأمل في أن يكون الجواب برنامجا شاملا مدروسا بعناية فائقة عميقة يهدف الى وضع حد نهائي بكل معنى الكلمة لمن تسول له نفسه الاعتداء على سورية.
لقد شهدت الجمهورية العربية السورية دمارًا يتطلب عملية اعادة اعمار شاملة تتناول على نحو ملحّ إعادة إعمار النظام الفكري النفسي السائد. لقد قال سعادة منبها عام 1925 وكأنه بيننا راهنا، قال “إننا نواجه الآن أعظم الحالات خطرا على وطننا ومجموعنا فنحن أمام الطامعين والمعتدين في موقف تترتب عليه احدى نتيجتين أساسيتين هما الحياة أو الموت وأي نتيجة حصلت لنا نحن المسؤولون عن تبعتها.”