ليس بالطاعة العمياء

image_pdfimage_print

إن العالمين ببواطن الامور المدركين لخطورة اوضاع المنطقة التي استحوذت على اهتمام الغرب فيما دعي بالمسألة الشرقية، لا يمر يوم دون يعاينوا نتاجه السياسي الاقتصادي والاجتماعي فضلاً عن محاولات العبث بخطوط الطول والعرض للخرائط التي رسموها إثر الحروب الكونية. والمعاينة يمكن ان تدخل في باب الترف الفكري إذا لم تقترن بخطط معاكسة إما للتوعية أو للتصدي وحشد الأحرار لمواجهة ما يحاك.

من نافل القول إننا لقرن مضى ونحن نعيش نتائج سذاجة العقل القبلي الذي أوليناه أمرنا لنخرج من حالة التتريك وللبدء بحياة جديدة. من النتائج، وقوعنا في الفخ الاستعماري الاستيطاني الذي أباح دمنا واحتل أرضنا ويقوم بعملية نهب للموارد وعرقلة أي عملية تنمية إن بمجال الاقتصاد أو المعرفة أو حتى في العلاقات بين اهل العقد والحل ممن اعتلوا سدة الحكم. وما العودة التي نشهدها من دخول تركيا وإيران على المشهد إلا للإخفاقات والانتكاسات وحتى الهزائم التي منينا بها نتيجة سوء إدارة الحكام والدوائر المحيطة بهم. يلمس واحدنا ذلك من خلال مقولة “هو صادق ومنزه لكن المحيطين لا يدعونه يعمل!” يمكن رد ذلك الى ثقافة الخلافة التي تجاوزناها إثر الحرب العالمية الاولى لكن لم يستطع نظام أو منظومة ارساء علاقة جديدة بينه وبين الجمهور إلا بمضمون الثقافة التي دفنت مع آخر سلطان عثماني.

منذ نهاية الحرب الباردة ونحن نعيش مرحلة شبيهة بتلك التي نتجت عن الحرب العالمية الأولى. الفارق أن المنتصر يقوم بمحاولة تعديل سايكس/بيكو ذي الوازع النفطي، ليرسم خطوط الغاز والاستحواذ على المنابع. يصبح من الواجب علينا ألا نتلهى بالقشور لنقع بالسذاجة التي وقع فيها الأسلاف عندما رهنوا كل شيء للإرادة السَنيّة إن في الغرب او لحكام تم تنصيبهم بإرادته او اعتلوا السدّة بخزعبلات دعيت إنقلابات عسكرية سرعان ما تبين انها مسرحيات غربية لوضع الضابط المناسب الذي يحقق الهدف المناسب.

لذا لا بد من دعوة اولئك الذين يقدمون أنفسهم على انهم متصدّين او ممانعين لما يرسم بالداخل وفي الاقليم ليكونوا أكثر شفافية بوضع الناس بحقيقة ما يجري. فالجميع قدّم ما يكفي من تضحيات إن بالمال او البنين وصولاً إلى مرحلة تسوّل المآكل والدواء وغيرها من مقومات البقاء. لا يجوز الاستمرار في استغلال صمود الناس وتضحياتهم لنصرة مشاريع غيبية أو مرسومة في أذهان من بيدهم القرار.  إن المعركة طويلة وشائكة ولا يفيد معها التلطي خلف الاصبع. إنها معركة وجودنا من عدمه. وهذه المعركة لا تكسب بالطاعة العمياء وتقبيل الأيادي، بل بالوعي والعلم والتحرر وحشد الطاقات.

فحذار.

في هذا العدد<< بلا منقوديةأينشتاين.. العالم أم اليهودي؟ >>
3 1 vote
Article Rating

You may also like...

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments