1

ليست معركتنا – رئيس التحرير

يشعر المراقب لما يدور في الحزب السوري القومي الاجتماعي أنه أمام فيلم رديء عنوانه، “صراع على السلطة”، يعاد عرضه للمرة الثالثة أو الرابعة. موضوع الفيلم، بالمختصر الشديد، هو النرجسية، أي التمسك بالسلطة بأي ثمن حتى ولو على قفر، والصراع عليها حتى الإبادة، أو حتى تدخل مصلحين يوفّقون بين المتصارعين.

الغريب في الأمر هو استعداد بعض القوميين لإعادة المشاهدة، لا، بل والتأثر ببعض المشاهد: ذهولا هنا، تأسفًا هناك، حماسًا لهذا ضد ذاك، نقمة على الطرفين، جلد للذات، الاعتذار من سعاده وكتابة المراثي.

ونحن لا نتوقف أبدا أمام قرار ما سمي بالمحكمة الحزبية التي عينها بقايا المجلس الأعلى السابق. فهو منذ أقدم على جريمة تعديل الدستور سنة 2016، وما تلاها من إقالة عضوين من المحكمة الحزبية السابقة، والصراعات التي أدت إلى خمسة رؤساء في أربع سنين، هو في نظرنا، فاقد للشرعية، وجميع قرارته، بما فيها المضي قدما بالمؤتمر الانتخابي في أيلول الماضي باطلة، وقد أبدينا رأينا في كل من هذه المسائل عند حصولها، وصولا إلى القيادة الجديدة.

نحن نقول إن هذه ليست معركتنا. معركتنا هي إعادة بناء الحزب على الأسس التي وضعها سعاده، ولكن بناء عصريا يستطيع مواجهة تحديات المستقبل. ونضيف أن الصراع حتى الإبادة أو حتى الخضوع لرغبات “الحلفاء المصلحين” لا يدخل في عداد هذه المعركة.

هناك أسئلة أهم بكثير من، “من هو على حق المجلس الأعلى الجديد أم القديم؟” أو “بمن نلتحق؟” أو بالشكوى من ممارسة ضغوط من هنا وهناك، أو التأثر بنشر فضائح مالية وجنسية بغض النظر عما إذا كانت صحيحة أم لا.

السؤال الأساسي الأول هو كيف نحرر القرار الحزبي من الإرادات الخارجية؟ السؤال الأساسي الثاني هو، كيف ننظف الحزب من الفساد المتحالف مع الإرادات الخارجية؟ السؤال الأساسي الثالث هو ما خطتنا لمواجهة المستقبل بكل ما يحمله هذا السؤال؟

هذه الأسئلة يجب أن تكون محور اهتمام القوميين اليوم خاصة وأنها خارج اهتمامات المتصارعين. والجواب على أي منها هو قرار فردي بالدرجة الأولى نصل إليه عبر الإجابة على السؤال التالي: هل أنا في الحزب السوري القومي الاجتماعي لأعمل على تحقيق غايته أم لتحقيق غايات خصوصية؟

ليس الفساد وحده هو سبب الفشل، هناك أسباب أخرى منها قلة المدارك والنقص في الخبرات الإدارية والقدرة على الحسم، ما يؤدي إلى عدم اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب.

بُعيد نتائج الانتخابات الماضية كتبنا مقالا بعنوان “الانتخابات الحزبية، سلطة الأمر الواقع“، رأينا فيه أن هناك نافذة ضيقة للعبور من مرحلة إلى مرحلة وفق تحرك سريع على خمسة محاور أحدها:

“دراسة حقيقة وضع الحزب والأمة، ووضع تصور لمستقبل الحزب وخطته الاستراتيجية وما يستتبعها من خطط عملانية. هذا لا يمكن أن يتم إلا في ورشة عمل تخطيطية لكبار مفكري الحزب وعقوله في شتى المجالات قبل تعيين مجلس للعمد وليس بعده. نركز على قبل لأن الحزب يعاني من الانهيار والتبدد ووجود عدد كبير من إمكانياته خارج صفوفه النظامية.”

وقد حذرنا يومها من أن،

“تعيين مجلس للعمد دون دراسة وضع الحزب ووضع تصور استراتيجي له من قبل مجموعة من الاختصاصيين، بشكل موضوعي خارج عن السياسات الحزبية الضيقة، سوف يؤدي إلى نفس الوضع القائم منذ عقود: عُمُدٌ بسويات وقدرات متفاوتة يأتون ويذهبون، بدون خطة عامة، وبدون ميزانيات ولا رقابة ولا مقاييس، ويبقى الوضع على حاله.

مع الأسف، نرى أن هذه النافذة تضيق وأن المعركة تتحول من معركة تغيير جذرية في مسار الحزب أساسها الهجوم على الفساد وكشفه وعزله، إلى تثبيت خطوط دفاع بانتظار تدخل المصلحين.

في العلم العسكري، الدفاع لا يؤدي إلى النصر بل إلى مزيد من الخسائر كلما طال أمده.