لو كان سعاده حياً

image_pdfimage_print


 

 

https://lh3.googleusercontent.com/proxy/gIdtDOcVi0kamVfRncoLKgOKu3K4UTMN57mxpreqV87aXhkwiVQBsjMlPVy_E2Sd28cF5e0ppPhq0JtUhlo8UzhM9inNbJn_uolLKQ0XCin0u4XryLLt4954VwgANn0KeO3tjC_hFw

تخايل معي يا رفيقي أن الزعيم حياً أو قل أن الزعيم كان في الغيبة الصُغرى وعاد فجأة إلى الوطن، ماذا عساه أن يقول وهو يرى أوضاع القوميين وأوضاع الحزب وأوضاع العالم.

تخايل معي ولا تتهمني بجلد النفس أو التجني أو بخس حق المستحقين.

حصلت مرة، وغاب غياباً قسرياً لكنه بقي على تواصل مع الوطن ومعهم، فماذا فعلوا في غيابه؟ وماذا فعل بعد عودته؟

كان حياً لكنه كان بعيداً عنهم، وخانوه وتمردوا عليه، وباعوه، واتهمه أحدهم بالطاغية، وعندما عاد لم يحاسبهم على مافعلوه، غفر لهم وطلب منهم العودة إلى الصواب، فمنهم من رفض ومنهم من استعمل التقّية، وقلّةٌ قليلة تابت وعادت إلى رشدها.

يومها لم تكن حال الحزب كما اليوم، ولم تكن أوضاع البلاد كما اليوم ولم يكن العالم متفجراً كما هو اليوم، بل كان يلملم شظايا تفجيرات الحرب العالمية الثانية ويمشي نحو الخرائط الجديدة.

تخايل معي … عاد الزعيم إلى شارع الحمراء، إلى أسوار الجامعة الأميركية الى رأس بيروت وقرر أن يسأل المواطنين والسكان عن الحزب وحركة الحزب وأخلاق الحزبيين، والنشاط الحزبي. ماذا سيسمع؟ وماذا سيقول؟

تخايل معي … عاد الزعيم إلى الشوير وسأل عن الحزب فماذا سيكون جواب الناس؟ وماذا كان سيقول للناس.

تخايل معي … قرر الزعيم أن يزور العرزال؛ ومرّ من أمام القصر الملوكي وخطر بباله أن يسأل لمن هذا القصر، فأجابه أنه لمواطن كان فقير الحال وبسيطاً، اشتغل في الحزب القومي وصار مسؤولاً كبيراً فاغتنى وبنى قصوراً واشترى أملاكاً وصار شريك حصص في الفساد، ويخبره المواطن عن أمثاله في كل المناطق، في البقاع، في الكورة، في الجنوب، وفي بيروت.

تخايل معي … زار الزعيم منطقة البريستول – بيروت وقال له أحدهم: انظر هذه الشقّة لصاحب القصر المبني في الشوير، وهذه الشقة المقابلة للتلميذ الذي انقلب عليه هو وأصحابه، ويزعمون أنهم يريدون الإصلاح ولكل واحدٍ منهم ملفات يشيب الشعر من نجاستها.

تخايل معي … أن الزعيم جمع قيادات أحزاب الحزب السوري القومي الاجتماعي وأراد ان يضطلع منهم على أوضاع الحزب والأسباب الموجبة لوجود هذه الاحزاب وهذا العدد الكبير من القوميين خارج المؤسسات، وعن الخلافات والعلاقات وطُرُق الاستقطاب والندوة الثقافية.

تخايل … سألهم عن فلسطين ودمشق وبغداد فقط، ماذا سيقولون له؟

لوكان الزعيم حياً، أو عاد من الغيبة الصُغرى كان وقف على أعلى تلة في سوريا الطبيعية ونادى بصوته العالي:

أيها الناس هذه الأحزاب ليست من حزبي، وهذه القيادات لا أعرفها، وهذا الضجيج لا أسمعه، وهذا الدخان الأسود ليس من ناري، وهذا الفحش المعلن والمستتر ليس من صفاتي، لا أعرفهم، لم أسمع بأسمائهم وهم لم يسمعوا باسمي، لم يقرأوا كتابي، لست منهم وليسوا مني، أيها الناس أنا منكم وأنتم مني سأترك هذه القمة العالية وأعود اليكم.

 

في هذا العدد<< النهج يثبت أقدامه – رئيس التحريرنجمة سورية >>
3 2 votes
Article Rating

You may also like...

Subscribe
نبّهني عن
guest
2 تعليقات
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
ناصيف رز ق الله
ناصيف رز ق الله
3 سنوات

كاتب المقال اعتمد الصراحة في كشف الفساد واعاقات المسيرة وقد اجاد
فهل لنا ان نتعرف عليه اكثر

سعيد نكد
سعيد نكد
3 سنوات

إنّ ضـربـات كـثـيـرة حـلّـت بـنـا مـن جـرّاء بـلـوغ غـيـر الـمـؤهّـلـيـن إلـىٰ الـمـراكـز الـعـالـيـة فـي الـحـزب

سـعـاده
الأعـمـال الـكـامـلـة، الـجـزء 9، ص 48 ـ 54
مـن “إلـىٰ رئـيـس الـمـجـلـس الأعـلـىٰ”، 1938/7/9