عميد الأسرى المقدسيين – سمير أبو نعمة
سمير إبراهيم محمود أبو نعمة، صانع البطولة والحر رغم كل القيود، بالنسبة لمن بقي من عائلته تنتهي الحكايا قبل أن تبدأ في مدافن الأحياء، كيف لا وسمير يقبع في سجون الاحتلال منذ 36 عاماً، محكوماً مدى الحياة!!
سمير ابن حي الشيخ جراح في القدس المحتلة، أسيرٌ من ضمن قائمة أسرى تمتد وتكبر بعمرِ هذا الوطن المستلب والمنتهك، حاز على لقب أقدم أسير مقدسي في سجون الاحتلال رغماً عنه، حيث أصبحت معتقلات الاحتلال على اختلافها منزله قسراً عنه، فمنزله الذي عرف يوماً صار ذاكرةً بعيدةً نهشتها آلام الأسر والتعذيب.
اعتقل سمير بتاريخ 20/10/1986، دون أن تدري عائلته سبباً لاعتقاله، فكل ما عرفوه أن ابنهم أنهى الثانوية العامة وتخصص بدراسة إدارة الفنادق، وعمل في ذات حقل اختصاصه، كان يافعاً في عمر السادسة والعشرين!!، وهذا كما كثير من عائلات الأسرى، لم تكن عائلة سمير أبو نعمة تدرك ما يفعله ابنهم خدمةً للوطن وفداءً له، لم تعلم بانتماءاته التنظيمية ولا نشاطاته في مقاومة الاحتلال، ومشاركته في تنفيذ أكثر من عملية أودت بحياة عددٍ من جنود الاحتلال وسقوط العشرات منهم جرحى. وكانت التهمة التي وجهها له الاحتلال “الانتماء لحركة فتح، وتفجير حافلة رقم 18 مقابل المحطة المركزية في شارع يافا في 1983، مما تسبب بمقتل ستة مستوطنين وجرح عدد كبير منهم، كما قام بتزويد منفذي عملية باب المغاربة بالسلاح حيث أودت العملية بقتل جندي وجرح 69 آخرين.
تنادت الأوجاع أيها تنهش الذاكرة والروح أولاً، فما كان إلاّ أن تكالبت كل الأوجاع على سمير، أوجاع ذاكرة ذويه وأمه التي تركها خلفه ولم يستطع العودة لها فغادرت الدنيا بقلبٍ مكلوم وروحٍ مقهورة، أوجاع ذاكرة التحقيق التي أورثته آلاماً لازمته حتى يومنا الحاضر، وأوجاع طموحاتٍ وأحلامٍ كبلتها يد السجان يوم حُكِمَ سمير بالسجن مدى الحياة.
وتعرض الأسير سمير أبو نعمة للعقوبات والعزل عدة مرات بسبب نشاطه داخل السجن، وقد تحرر جميع أبناء مجموعته ضمن صفقة وفاء الأحرار قبل عشر سنوات (طارق وعبد الناصر حليسي، وإبراهيم عليان وحازم عسيلة)، إلا أن الاحتلال حرمه من التحرر في صفقات التبادل عدة مرات، وهو أحد الأسرى المدرجين ضمن الدفعة الرابعة من أسرى ما قبل أوسلو للإفراجات التي تراجع عنها الاحتلال، هذا وقد تنقل الأسير في كافة السجون؛ ويقبع حاليا في سجن رامون الصحراوي.
عائلة الأسير أبو نعمة كغيرها من عائلات الأسرى القدامى، ومنهم 13 أسيراً من مدينة القدس، توقفت عن العد منذ سنوات، ومرغمةً توقفت عن الأمل بخروجه!!، فكيف هو حال الأسير أبو نعمة داخل سجون الاحتلال؟ وكيف تقلصت أحلامه من عالمٍ مفتوح إلى أربعة جدرانٍ يخرج منها بأمرٍ من السجان، وحسب رغبته؟