حول انتخاب المجلس القومي في الشام- الفينيق
من ليس معنا …
تمر النهضة السورية القومية الاجتماعية بمخاض عسير يهددها بالمزيد من الشرذمة. فالتنظيم المعروف بتنظيم الروشة، قرر الالتحاق بموقف ما يعرف بـ “الحزب السوري القومي الاجتماعي في الجمهورية العربية السورية”، فدعا لانتخاب “مجلس قومي” خاص بالكيان الشامي، وقد تمت الانتخابات في جميع منفذيات الكيان الأسبوع الماضي. سينتخب هذ المجلس مكتبا سياسيا خاصا بذلك الكيان، ينال على أساسه ترخيصا محليا أسوة بتنظيم الأمانة العامة. هذا الأمر أدى إلى عاصفة من التعليقات من القوميين في الشام. بعضهم معجب ببعد نظر عصام المحايري، أبو ما يسمى بتنظيم الأمانة العامة في الشام، وبعضهم يوبخ قائلا إن الخطأ لا يعالج بخطأ أكبر. أما الرفقاء والرفيقات ممن هم ليسوا “شواما أقحاحا” كبعض اللبنانيين المقيمين في الشام منذ أمد بعيد، أو ممن هم من أصول فلسطينية، فهؤلاء، في حين يمكن لهم حضور اجتماعات المديرية، فإنه لا يحق لهم الترشح او الانتخاب لأي منصب كان، وذلك بسبب نظام الأحزاب في الجمهورية العربية السورية.
هل حصل تعديل في دستور الحزب السوري القومي الاجتماعي ليتمكن من القيام بعملية مثل هذه تحرم بعض الرفقاء من ابسط حقوقهم القومية وتجعل منهم مواطنين من درجة ثانية؟ لم نسمع ان شيئا من هذا قد حصل، ولكننا لم نعد نستغرب أي شيء.
والجدير ذكره أن عمليات الانتخابات التي تمت الأسبوع الماضي، تمت تحت إشراف مندوب من “جبهة الأحزاب”، وما أدراك ما مندوب جبهة الأحزاب! أما سياسة المنفذين العامين الذي انيطت بهم هذه العملية، فكانت “إما ان تكونوا معنا، او أنكم من المشاكسين المغضوب عليهم.”
أما وأن الانتخابات قد تمت في منفذيات الكيان ودون معارضة تذكر، يصبح السؤال هو التالي: طالما أن كلا من تنظيمي الروشة والأمانة العامة قد أصبح له وجود شرعي ومرخص للعمل في الكيان الشامي، فهل سيتوحد هذان التنظيمان ويعملان كتنظيم واحد؟ الجواب على هذا السؤال يتوقف على العديد من المسائل منها رغبة الممول السيد، وما إذا كان يريد تنظيما موحدا، وإن كان بعيدا عن مبادئه، ينافسه في عقر داره، أو ما إذا كان يفضل مجموعة أراجيز يحركها عن بعد ويتركها ساعة تتخابط وساعة تتصالح. كذلك لا يمكن تجاهل رغبات القابضين وما إذا كانوا يفضلون ان يقبضوا من سلة واحدة بالجملة، او يفضلون القبض بالمفرق وعلى القطعة.
إن الفوضى الفكرية والعملية العارمة التي تمر بها النهضة السورية القومية الاجتماعية، والتي تضرب جميع ما سبق أن سميناه “شلقات”، كبيرها وصغيرها، القديم منها والمستجد، تدفع المخلصين لهذه النهضة للقلق على مصيرها من جهة، ورد التحدي من جهة أخرى. إن ما تركه سعاده هو أثمن ما يملكه القوميون، والقوميون لن يتخلوا عن أثمن ما يملكون.
“صديقك من صَدَقَك وليس من صدّقَك.” هذا مأثور شعبي مفيد لمن يريد ان يتنطح للعمل العام. أما ان تقول للناس، ابصموا لي على بياض، و”على عماها”، فهذا ما لا يمكن لعاقل ان يقبل به. ربما يدفع العاقل ثمن موقفه هذا. أما الثمن الذي سيدفعه من يطلب موقفا مثل هذا، والعمل العام الذي يدّعي انه يعمل لأجله، فسيكون أكبر بكثير.