بين الصح والخطأ-الفينيق
مقال الاسبوع
وصلتنا من احد المسؤولين في تنظيم الروشة رسالة توحي بان ما نشرناه سابقا حول انتخاب المجلس القومي في الشام ليس صحيحا. وتحذر الرسالة من طابور خامس “يعشش” بيننا في الفينيق. وبعد اتصال مباشر مع المسؤول نفسه تبين لنا أن التشكيك بـ “صحة الافتتاحية” لم يكن له علاقة بعدم صواب ما نشرناه، بل مرتبط فقط بعدم أخذ الافتتاحية بعين الاعتبار الظروف والضغوط التي يتعرض لها قوميو الكيان الشامي بالنسبة لتطبيق قانون الأحزاب. وأورد المسؤول خلال الاتصال تطميناته بأن انتخاب مجلس قومي في الكيان الشامي لا يغير في موقف الحزب من عقيدته ومواقفه، مضيفاً أن الضجة التي حصلت في الشام في أعقاب هذه الانتخابات مردها إلى “سوء المسؤولين المحليين” الذين “لم يضعوا القوميين في الصورة”، بحسب تعبير المسؤول.
لم تكن هناك، إذاً، معلومات غير دقيقة نشرتها الفينيق، وبات من المؤكد أن ليس ثمة “طابور خامس يعشش بيننا”. كل ما في الأمر هو سوء إخراج لقرار سيء وخاطئ وغير دستوري اتخذته قيادة الحزب.
ولكن يبقى السؤال الكبير، ما هو الموقف الذي كان يمكن للحزب ان يأخذه في مواجهة ضغط القوانين المحلية، ليس فقط في الشام، بل في أي من الكيانات التي تمنع ان يكون في قيادات أحزابها من لا يحملون جنسية الكيان المفصّل على قياس ما أراده لنا سيِّئا الذكر سايكس وبيكو؟
هذا السؤال وصلنا من أكثر من شخص في الأيام القليلة الماضية. فيما يلي جواب نضعه بتصرف القوميين.
إن لنا، كحزب سوري قومي اجتماعي، عقلية أخلاقية قوامها الصدق؛ الصدق مع الذات والصدق مع الشعب. إذا أراد أي حزب أن يناقض مبادئه، فيقول مثلا، بأمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة، ولكنه في الوقت نفسه يمنع مواطناً من فلسطين أو لبنان من تبوُّءِ مركز مسؤولية في حزب في الشام، مثلا، فهذا شأنه، ولكننا لا نستطيع أن نساعده في عملية خداع الذات والناس.
ثانيا، كيف يمكن أن تقبل الشام أن يستشهد على أرضها ودفاعاً عن سيادتها ووحدتها مواطنون يحملون جنسيات من لبنان ومن فلسطين ومن العراق، في الوقت الذي تمنع على الأعضاء من هذه الأحزاب، من المقيمين في الشام ولا يحملون “الجنسية” الشامية، أن يكونوا مسؤولين في هذه الأحزاب؟!
ثالثا، نحن حزب يقول بوحدة الأمة السورية من الزغروس إلى المتوسط ومن طوروس إلى سيناء. كل مواطن يحمل جنسية أي من هذه الكيانات هو سوري الجنسية، ويحق له ما يحق لغيره. بناء عليه، نحن لا نستطيع ان نقبل بمواطن من درجة ثانية بسبب مكان ولادته، أو بسبب قانون كياني.
رابعا، ندعو أصدقاءنا في جميع الأحزاب أن تنسجم مع مبادئها فتسعى إلى تغيير قانونٍ أعرج وتستبدله بقانون سليم. فعِوَضُ عن أن تضغط أحزاب حكومات الكيانات على حلفائها لكي يسيروا في نهج خاطئ، عليها أن تبادر هي، الأحزاب التي تدّعي قيادة الأمة، إلى تصحيح نهجها الخاطئ.
خامسا، نحن حزب يضع الكفاءة المناسِبة في المكان المناسب بدون أي اعتبار لكيان أو طائفة أو عرق أو مذهب. هذا ما نحن عليه، ولن نبدله لأننا نعتبره الطريق الصحيح لسلامة المجتمع.
سادساً وأخيرا، هذه هي دعوتنا، ولكم أن تقبلوها أو ترفضوها ولكن عليكم تقع مسؤولية مواجهة الشعب بتناقضكم هذا في حال الرفض. أما نحن فلا نجاريكم في اعوجاجكم، ولكننا لن نعدم الوسائل التي نبتكرها لكي نوصل الكفاءة المناسبة إلى المكان المناسب.
هذا في رأينا هو الجواب الذي على المسؤولين في الحزب السوري القومي الاجتماعي إسماعه للمسؤولين في الشام، وفي أي كيان آخر يحاول أن يفرض علينا الاّ نكون منسجمين مع أي من مبادئنا الأساسية منها أو الإصلاحية.
بالمناسبة، أولم يحن الأوان بعد لدفن هذا العبء الكبير الذي حمَّلنا إيّاه سايكس وبيكو؟ حتّاما سنظل نشتمهما ونعيش في السجون – الأقفاص التي وضعانا فيها؟
لنقبرهما الآن وننتهي من هذا العار.