1

الهدية

اسامه المهتار

 

هل يمكن لأية مؤسسة ان تحقق غايتها إن لم تخطط لذلك؟ طبعا لا. فالتخطيط هو شرط ضروري ولكن غير كاف للنجاح. فالنجاح غير ممكن بدونه ولكنه غير مضمون حتى مع وجوده. للنجاح، يجب ان تتوفر مجموعة من الشروط الضرورية والكافية. هل يمكن للحزب السوري القومي الاجتماعي ان يحقق غايته إن لم يخطط لذلك؟ لا. لماذا لا تجتمع قيادات ما يسمى بالأحزاب السورية القومية ومعارضاتها، كلها سوية، أو متفرقة، لتعلن مجتمعة، أو كل منها على حدة، ورشة عمل جبارة يشارك فيها أهم عقول الحزب والأمة لوضع خطة عمل طويلة الأمد، مع وسائل وآليات تنفيذها؟ لا أدري.

في الواقع ان هذا السؤال يدفعنا إلى طرح سؤال آخر : كيف يمكن لأشخاص ضحّوا بالكثير من أجل قضيتهم أن يهملوا هذه الحقيقة البديهية: الحاجة للتخطيط بعيد الأمد واستنباط الموارد والآليات الضرورية لتحقيق هذا التخطيط؟ ويستوي في هذا الأمر قيادات التنظيمات الثلاث والمعارضات، معظمها، كي لا نقول كلها.

الكل مشغول! ولكن ينطبق عليه قول الناصري، “مرتا، مرتا، إنك تهتمين بأمور كثيرة والمطلوب واحد.”

 فلنستعرض معاً:

يقوم القوميون، تنظيمات ومعارضات وأفراداً، بالأعمال التالية: انتخابات، إعلام، أدب، ثقافة، جمعيات خيرية، جمعيات اغترابيه، قتال دفاعا عن الوطن، ندوات ومحاضرات، مؤسسات اقتصادية، استثمارات، معارض فنية، توقيع كتب، جمع تبرعات، مظاهرات، حلقات إذاعية، مخيمات صيفية، نشاطات طلابية ثانوية وجامعية، احتفالات حزبية، مآتم وتشييع شهداء، وسواها.

سوف نفترض أن مخرجات Outputs كل من هذه الأنشطة بغض النظر عمنّ يتولاها، هي مخرجات صحيحة وذات نوعية عالية، وأن كل مشروع أو نشاط من هذه الأنشطة لقي نجاحًا باهرًا. ما هي نتيجة Outcome هذه الأنشطة؟ ما هو مردودها من الإفادات التي إذا تراكمت، اصبح بإمكاننا الإشارة إلى تقدم ما باتجاه غاية الحزب؟ إذا كنّا موضوعيين، وصادقين مع انفسنا، وانطلاقا من النتائج الحاصلة في المجتمع وفي الحزب، بعد مائة وأربع عشرة سنة على ولادة أنطون سعادة، وست وثمانون سنة على تأسيسه للحزب، لرأينا ان نتائج كل هذه المخرجات هي دون المطلوب بكثير.

ما ينقص كل هذه النشاطات، كي تتحول نتائجها من هباء إلى تراكم قوة، هو الخطة الجامعة. هو الخطة واضحة الأهداف باتجاه غاية سامية. هو مقاييس الأداء التي يحسن استخدامها اختصاصيون ناجحون كي يعطوا النتائج – لحظة بلحظة – بهدف معرفة الإدارة لجدوى أنشطتها ومخرجاتها.

إن التخطيط – أي تخطيط – هو نقطة البداية لعملية تغيير. فأنت لا تخطط لما هو قائم. أنت تخطط لعمل جديد. والتغيير عملية شاقة لا تستهوي الناس بل هم يخافونها، خاصة على صعيد القيادات صاحبة القرار. إن أول خطوة في التغيير هو قيام المعرفة بضرورة التغيير، أما الثانية فهي الرغبة بالتغيير، والثالثة هي المهارات المطلوبة لقيادة عملية التغيير. في مَثَلِ الحِزبِ نجد ان المعرفة موجودة، والمهارات المطلوبة متوفرة، ولكن الرغبة بالتغيير غائبة.

ما هو دوري في خطة تحقيق قضية الحزب؟ هذا يفترض ان يكون هناك خطة أولا. وهذا يعيدنا إلى نقطة البداية، وحكاية إبريق الزيت. حكاية إبريق الزيت يجب ان تنتهي.

من يضع خطة تحقيق غاية الحزب؟ يضعها المهتمون بهذا القضية. فغير المهتمين لن يضعوها، ومن لا يرى حاجة لوضعها هو، عمليا، غير مهتم بالقضية.

من أين نبدأ؟ من لقاء المهتمين بهذا الموضوع. واللقاء يبدأ بعبارة بسيطة. “أنا مهتم”. فإن كنت مهتمّاً أكتب رسالة قصيرة إلى العنوان التالي: alfiniq.contact@gmail.com ، وَضَعْ في خانة موضوع الرسالة كلمتين: أنا مهتم. وإن كان هناك ما تود شرحه، أو عرضه او الاستفسار عنه، تفضل.

هل قلنا إن اليوم هو الذكرى الرابعة عشر لميلاد أنطون سعادة؟ نعم. هل من هديّة نقدمها لذكراه في هذا اليوم. نعم، إنها هدية -عهد. أنها هدية بسيطة. كلمتان. “نحن مهتمون.” نحن مهتمون وسورية مسؤوليتنا.

ولتحي سورية.