الحداد على حياة مضت – رئيس التحرير

image_pdfimage_print

منذ أيام، نشرت محطة الإذاعة الكندية خبرا بعنوان: بشكل جماعي، نحن في حالة حداد ولكن ليس فقط على ضحايا جائحة كوفيد – 19. فحوى الخبر أننا نمر فيما يشبه تيارا خفيا من حزن عميق على ما كانت عليه حياتنا السابقة.

بالنسبة لنا، نحن السوريين القوميين الاجتماعيين، فإننا نمر في حالة أفدح بكثير مما يمر به باقي الناس. إن الشعور المرهف بالمآسي الاجتماعية وحال القضية التي أقسمنا عليها، وما آل إليه هذا الحزب العظيم، كلها تخلق طبقات من التيارات النفسية الخفية التي تعمل على دفع القوميين إلى حالات من اليأس والإحباط لم نعرف لها مثيلا في تاريخنا. فالنكبات الكبرى التي مرّ بها الحزب مثل استشهاد سعادة سنة 1949، أو أحداث سنة 1955 في الشام، أو الانقلاب الفاشل سنة 1961، كلها خلقت حوافز نفسية عظيمة لدى القوميين لإعادة التكتل والمواجهة والاستعداد لجولات جديدة. أما اليوم فالوضع مختلف، خاصة عند القوميين الذين هم خارج الانتظام الحزبي، والذي يقول عدد كبير من القوميين، إنهم الأكثرية الصامتة.

نحن لا نملك دليلا على عدد القوميين المنكفئين ولكننا نعتقد، من معارفنا الخاصة، أنه عدد كبير. لن نتكلم في هذا المقال عن الذين حزموا أمرهم مع هذا التنظيم أم ذاك، فلعل في هذا راحة نفسية لهم. ولكننا سوف نعرض فيما يلي عددا من الأسباب التي يجب أن تدفع القوميين المنكفئين للانتظام:

العامل النفسي: إن في انتظام الحياة الحزبية في مديرية سواء جغرافية أو افتراضية، تعاضدٌ وتساندٌ وتشاركٌ في المسؤوليات ما يخفف من أعباء المرحلة. كذلك يعيد الانتظام الروحية الأخلاقية المتحلحلة بفعل عقود من الإهمال والمحسوبيات والجرائم.

العامل الفكري: في المديريات تتبلور الأفكار الثقافية منها والعملية، هناك تبحث في شكل منهجي ويصار إلى إخراجها بما يفيد حياة المتحد وحياة الحزب.

العامل المادي: إن المديريات هي الأرض التي تقام عليها مشاريع المتحدات الاقتصادية. هنا ترتبط حياة القوميين بعضهم ببعض، هنا تدرس أحوال المتحد الاقتصادية والاجتماعية، هنا تبحث وسائل ترقية الحياة ووضع الخطط لذلك. وتحت باب العامل المادي يمكن لنا وضع المساعدات الاجتماعية. هناك قوميون يتعرضون لوضع معيشي صعب، وهناك قوميون يحاولون تقديم المساعدة والعون. انتظام الحياة الحزبية، خاصة مع وجود لجان مديريات فاعلة، يسهل هذه المهمة إن لناحية إحصاء المحتاجين، أو لناحية توزيع المساعدات لهم.

العامل الأمني: القوميون دائما في حالة تهديد من خصومهم الكثيرين. انتظام الحياة الحزبية في المتحد وارتباطها بالمتحدات القريبة في خطط أمنية هو شرط ضروري لسلامة القوميين.

العامل الحزبي: إن انتظام القوميين في وحدات حتى لو كانت مستقلة عن أي من المراكز القائمة، يعطيهم القدرة على إيصال صوتهم والمشاركة في أية مبادرة لإنقاذ الحزب في شكل نظامي.

بالعودة إلى مظاهر الإحباط التي أشرنا إليها في مطلع المقال،بودنا التركيز على مظهر واحد فقط. إنه الهروب من واجب إيجاد الحلول للأزمة إلى التفنن في وصف الأزمة، أو الغوص في أعماق التاريخ الحديث منه والقديم، أو القفز إلى المستقبل القريب منه والبعيد، أو إلى الاكتفاء بعرض ما “يجب أن يكون”، أو رمي المسؤولية على مجهول.

إن معالجة الأزمة تكون بالإمساك بقرونها، ومهما كانت عضلات القوميين الأفراد قوية، فإنها تبقى عاجزة عن هذه المهمة. إن تنظيم القوميين المنكفئين لأنفسهم هو أمر لا غنى عنه، والوقت ليس في صالحنا.

في هذا العدد<< من عيون العطش – عفاف ابراهيمفي أزمة الحزب السوري القومي الاجتماعي – ماهر يعقوب >>
0 0 votes
Article Rating

You may also like...

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments