الانشقاق والوحدة وما بينهما-رئيس التحرير
“الانشقاق كالانفجار النووي يقوم على سلسلة الانشطارات المتزايدة. لا ينتهي الا بعد أن يأكل الأخضر واليابس.”
“الوحدة المقرونة بالاصلاح والمحاسبة هي الكفيلة بالنهج الصحيح، أما الانشقاق فهو أكسجين النهج الفاسد ومبتغاه.”
“التراشق بالاتهامات وتبادل العبارات النابية وشماتة المراقبين هي “ثمرات” اولى للانشقاق. لعلكم تعتبرون.”
“من يضحي بوحدة الحزب للتخلص من شخص فهو حاقد. ومن يظن أن كثرة العدد تغني عن الوحدة، فهو قصير النظر. كلاهما مضر.”
“من لم يختبروا مآسي الانشقاق يستسهلون نتائجه”
“منظومة الفساد تمارس الفجور وتسمي أعتى الفاسدين رئيسا للحكومة.”
“الميقاتي لرئاسة الحكومة لقد جاءكم ناهب من انفسكم، عزيز عليه ما عنتم، حريص عل ما كنتم تنهبون (من وحي آية التوبة).” الأمين إيلي عون، مقرر المحكمة الحزبية العليا، تنظيم الروشة.
يلفت نظر المراقب المنشورات المتتالية لمقرّر المحكمة الحزبية العليا، (الروشة) الأمين إيلي عون، عن موضوع الانشقاق في الحزب السوري القومي الاجتماعي. وليس القصد من هذا المقال الأمين عون وآراءه التي نراها لا تنسجم مع موقع مسؤوليته، فهذا شأنه وشأن المؤسسة التي عينته. ما يعنينا هو ما نراه كيلا بمكيالين واحد للحزب وآخر للدولة اللبنانية.
التناقض هو بين ما يندد به لناحية اختيار “منظومة الفساد” كما يسميها “أعتى الفاسدين” كرئيس للحكومة. أو كوصفه للميقاتي أنه “ناهب من أنفسكم”، وبين طلبه الوحدة مع من يعرف أنه ليس أقل فسادا من الميقاتي، وليس بأقل من ناهب لمقدرات الحزب وإمكانياته. هذا هو التناقض. والتناقض أيضا في إعلان الميقاتي فاسدا والسكوت عمن سماه لرئاسة الحكومة عوضا عن إعلانه، كما أعلنه عدد كبير من القوميين، “فاسد يسمي فاسدا.”
ربما يقول الأمين عون، مقرر المحكمة، “مهلا، فليس من حكم صدر عن محكمة حزبية مستقلة وعادلة بحق من تشير إليه.” صحيح! مائة في المائة، صحيح! وكذلك الأمر بالنسبة لميقاتي. ليس هناك من حكم عليه، فلماذا حكمت عليه حضرتك بهذا الحكم؟ وإذا كان يجوز لك ذلك بسبب ما يعرفه القاصي والداني عن ميقاتي، ألا تعرف حضرتك ما يعرفه جميع القوميين بمن فيهم “منظومة الفساد الحزبية” التي ربيت علي يد الفاسد الأكبر في تاريخ هذا الحزب، إلى ان انقلب عليه بعضها!
انتهى الموضوع بالنسبة لما نشره الأمين عون، والذي أنما أردناه مدخلا لما هو أهم من وصف الفساد، أن نجد مخرجا لأزمة الحزب. فمنذ انفجار الوضع بعد انتخابات شهر أيلول الماضي، ومحاولات الإنقاذ تدور على محور واحد هو “وحدة الحزب”. في الواقع إن هذا الوصف لما كان يدور، غير دقيق إطلاقا. ما كان يدور هو العمل على الوصول إلى تسوية بين الفائز والخاسر في الانتخابات الماضية تعيد للخاسر بعضا من ماء الوجه وتبقي له ولمنظومة فساده موقعا في الحزب.
ولا يعني هذا أن الفائز لا يعاني من رواسب فساد في بنيته الحالية. صحيح أن هناك رفقاء مخلصين في صفوفه، وأنه استطاع استقطاب أعداد من القوميين الذين كانوا قد انكفأوا عن العمل بسبب الفساد. ولكن هناك بقايا من حزب السلطة الذي انشق على نفسه، فذهب قسم إلى هناك وقسم بقي هنا. هذا القسم هو الذي يطلب “عدم إغضاب الحليف”، وهو الذي يروج “للوحدة” وينعى “الانشقاق”.
وللتسوية مسار واحد قادها في المرحلة الأخيرة رئيس هيئة المؤتمر القومي العام، الأمين حنا الناشف: مؤتمر مزعوم بلا دراسات ولا أبحاث، شماعة للمجلس القومي الحالي بما فيه الممنوحون رتبة الأمانة، تعلق عليه انتخابات معلّبة تنتج عنها قيادة جديدة متفق عليها، برعاية الحلفاء، لا تحاسب فاسدا، تماما كما النظام اللبناني.
في رأينا أن الحل يكمن خارج التسوية. والحل يكمن في عزل كل من تسبب في الوضع الحالي ووضعه في “غرفة انتظار” ليتمكن القوميون من البت في أمرهم. وللوصول إلى هذا الأمر لا بد من الإجابة على عدد من الأسئلة:
- هل هناك ثقة بالمجلس القومي الحالي، نعم أم لا؟
- هل هناك ثقة بالجسم المسمى “جسم الأمناء”، (مع احترامنا لقلّة منهم) نعم أم لا؟
- هل “تسوية” بين الطرفين عبر المجلس القومي تخرج الحزب من أزمته، نعم أم لا؟
إذا كان الجواب على أي من هذه الأسئلة هو لا، فلا يبقى من مجال لانتخابات يقوم بها المجلس القومي الحالي، ولا يبقى من مجال لتسوية. عندها، يبدأ البحث عن مخرج آخر، يُسقط التسوية وينهي الضغوط، وهو ما سنتناوله في مقال لاحق.