1

الانتخابات اللبنانية: مشاريع كثيرة… والمطلوب واحد- مأمون ملاعب

مشاريع كثيرة… والمطلوب واحد-مأمون ملاعب

تتزاحم مشاريع القوانين الانتخابية في الكيان اللبناني من دون أن ينال أي منها إجماع القوى السياسية. وكل قانون من تلك التي طرحت على بساط البحث يحمل عنوان “العدالة وحقوق الناخبين”. وطبعاً الهاجس الأكبر هو حقوق الطوائف في بلد هو بالإسم فقط، إذ لم يتحول إلى بلد بالمعنى الحقيقي منذ وجوده، بل بقي مجموعة طوائف تتعايش تحت سقف ميثاق محرج يُخرقُ حين تشتد الأزمات، وفي ظل دستور لا يُطبق إلا بالتوافق. في بلدٍ يعاني عقدة الوجود والاستمرار، السلطة فيه سلطات موزعة على زعامات. لذلك فمن البديهي أن تتقدم هذه الزعامات بمشاريع تهدف إلى الحفاظ على مكتسباتها التي لن تراعي إطلاقاً لا مصلحة الدولة ولا حقوق المواطن.
إذا كانت كل طائفة تنتخب ممثليها حرصاً على حقوقها بسلامة التمثيل، فهذا يعني أننا سنبقى كيانات صغيرة ضمن كيان هش صغير. وسيبقى نوابنا أبناء طوائفهم لا أبناء الأمة، ولن يمثل أحد منهم الأمة. وسيراعون بعملهم مصالح الطوائف بعيداً عن مصالح الأمة، وسنبقى نختزن الأزمات ونفجّرها عند الاستحقاقات، وأكثرها مرتبط بالخارج.
جُل من يقدم مشاريع قوانين انتخابية هم أرباب السلطة (السلطات) السياسية، فهل نتوقع منهم التنازل عن المكتسبات؟
هل من كان يعمل في السياسة بهدف خدمة مصالحه على حساب مصالح الشعب والدولة سيوافق على قانون يؤثر سلباً على كل مصالحه؟
في الحقيقة، إن سلوك أهل السياسة في السلطة يدل بوضوح على أخلاقهم ومبادئهم ونفسياتهم، فهل يُعقل أن نتوخى منهم خيراً؟
إن مشروع قانون الانتخاب المقدم من الحزب السوري القومي الاجتماعي(*) على أساس النسبية  الكاملة ولبنان دائرة واحدة يأخذ بعين الاعتبار النقاط التالية:
–  النائب هو نائب الأمة وليس نائب الطائفة أو المنطقة. وهذا المعيار يُلغي العلاقة القائمة على المصالح الفردية بين النائب وناخبيه.
–  النائب هو نائب الأمة المنتخب على أساس الانتماء السياسي او المباديء أو المشاريع ضمن كتلة أو حزب أو تيار يحرص على إنجاز مشاريعه والالتزام بعمله على أساس مبادئه.
–  لبنان دائرة واحدة يُضعف دور الطوائف وامتيازات رجال الدين، ويوحد في ما بين المواطنين.
–  لبنان دائرة واحدة تحمل العدالة للمواطنين حين يتساوون في عملية الاقتراع.
ـ النسبية تؤمن العدالة للأحزاب والتيارات بحيث لا تُلغي أحزاباً وتيارات موجودة على مساحة الكيان وغير محصورة بمناطق ضيقة، ومن جهة أخرى تصحّح تمثيل أحزاب موجودة في منطقة ضيقة ولكنها تضيع على مساحة الوطن.

–  النسبية ولبنان دائرة واحدة تفرض على الأحزاب والكتل السياسية الاهتمام بالمجتمع ككل مما ينعكس إيجاباً على المناطق الفقيرة والأطراف النائية.

فلا عجب في ضوء هذه الاعتبارات أن مجلساً منتخباً على أساس “قانون الستين” لم ولن يوافق على مشروع القانون القومي الاجتماعي. ولا شك في أن الأحزاب الكبيرة تحافظ على تمثيلها بشكل جيد، وفقاً لأي قانون تجري الانتخابات عليه. ولكن وفقاً لقانون النسبية الكاملة والدائرة الواحدة سيكون التمثيل أكثر عدالة، غير أن هذا لا يعني ولا يهم معظم الكتل النيابية الموجودة في المجلس الحالي .
يبقى أن المواطن هو المعني في الأساس. والمصلحة العامة تنعكس إيجابياً على كل مواطن.

التغيير يبدأ من الشعب ويتم به.

___________________

* ملاحظة من التحرير: يمكن الاطلاع عل صورة المشروع القومي الاجتماعي في مكان آخر من هذا العدد. وتجدر الإشارة إلى أن المشروع أعد في التسعينات، لكن ضغوط غازي كنعان ورفيق الحريري “دفعت” القيادة الحزبية آنذاك إلى التخلي عن مشروعها لصالح مشروع آخر.