الاستحقاق الانتخابي: الإصلاح من الخارج!
هذا العنوان هو ما يُصطلح على تسميته بالإنجليزية Oxymoron، أي عبارة تتضمن كلمة ونقيضها، ذلك أن الخروج والإصلاح لا يلتقيان. الدافع وراء هذا الإيضاح هو ما يتوارد في النقاشات الدائرة على صفحات القوميين خاصة لناحية المفاضلة بين “الإصلاح من الداخل” و”الإصلاح من الخارج”. أقصى ما يستطيع من هو في “الخارج” تقديم الأفكار الإصلاحية وعرضها. أما تنفيذها فرهن بالتعاون مع من هم في “الداخل”.
غير أن الموضوع ليس مفاضلة بين نوعين من الإصلاح، واحد من الداخل وآخر من الخارج. الموضوع أشمل وأوسع من هذا بكثير. الموضوع هو عملية تغيير أساسية وجوهرية تكمن في الإجابة عن هذا السؤال البسيط في ظاهره فقط: لماذا نحن في الحزب السوري القومي الاجتماعي؟ أي جواب لا يبدأ بـ “نحن في الحزب السوري القومي الاجتماعي لنعمل على تحقيق غايته” هو جواب لا معنى مفيدا له.
الإصلاح من الداخل، في ظل الوضع القائم، في أحسن تجلياته، ينتهي بتقاسم السلطة بين من هو مُهيمن على مقدرات الحزب منذ عقود، وبعض من تربّوا على يديه إلى أن غلظت أعناقهم فبدأوا برفع الصوت في وجهه، وقلة من النظيفين الذين ربما، ربما فقط، يمكن إيصال أي منهم إلى المجلس الأعلى.
ولكننا شهدنا مؤخرا، مع الرئيس السابق، ونشهد مع الرئيس الحالي، (في تنظيم الروشة) مصير “النظيفين” في مستنقع الفساد. إن ما لا يستطيع دعاة الإصلاح من الداخل تجاهله هو واقعة انتخاب أربعة رؤساء خلال ثلاث سنوات! إن هذه الواقعة تشير إلى أننا نعيش وضعا استثنائيا لا يمكن معالجته بالوسائل العادية. هذا، ناهيك طبعا، عن سلسلة الاحداث التي أدت إلى حيث نحن بدءًا من محاولة المجلس الأعلى تعديل الدستور في شكل غير دستوري، ونقض المحكمة له، ومن ثم إقالة عضوين منها.
حيال هذا الوضع الاستثنائي، لا جدوى في رأينا من محاولات الإصلاح عبر العملية الانتخابية العادية التي أصبحت فيلما هنديا عاطفيا، نشهده مرة كل أربع سنوات. المطلوب هو خطوات استثنائية كما سنفصل أدناه.
الذين هم في الخارج يمكن تصنيفهم ضمن الخطوط العريضة التالية: الذين يئسوا كليا ولا يريدون التعاطي بأي شأن من شؤون الحزب؛ المنكفؤون بصمت منتظرين عجيبة لن تحصل؛ الناشطون المعارضون للوضع الحالي وبينهم مفصولون ومطرودون أو مهددون بالطرد بسبب مواقفهم. هذا الخارج لم يتمكن بعد من إيجاد صيغة عمل توحد جهوده، ولا من مدّ جسور تواصل فعّالة مع من هم في الداخل. والسبب الأساس وراء هذا الفشل، يعود في قسم منه إلى التصنيف الخاطئ الذي بدأنا به مقالنا بين “إصلاح من الداخل” و”إصلاح من الخارج”. ورفض كل من الطرفين للآخر.
لقد حدّدنا المطلوب، منذ انفجار الازمة سنة 2016، جوابا عن سؤال “من نحن وماذا نريد”، كما يلي: نحن سوريون قوميون اجتماعيون نعمل لتحقيق غاية حزبنا. بعضنا يعمل من داخل المؤسسة وبعضنا من خارجها، وبعضنا يعمل في هذا التنظيم وبعضنا الآخر في ذاك. ما يجمعنا هو عقيدة الحزب وغايته واخلاقه، وبهذا نتجاوز عوامل الانقسام لنلتقي في عالم الوحدة.
إذا كان الإصلاح من الداخل – نعود ونكرر – في ظل الوضع الحالي مستحيلا، ومن الخارج غير منطقي، فما العمل؟ إننا نحتاج إلى مرحلة انتقالية من وضع حالي ميؤوس منه إلى وضع مستقبلي مطلوب. الوضع الحالي معروف وموصوف. أما الوضع المستقبلي الذي يطمح القوميون إليه فهو حزب سوري قومي اجتماعي واحد بقيادة واحدة تضع نصب عينيها تحقيق غاية الحزب وإحلال نظرته إلى الحياة، وفق خطط مرحلية.
فيما يلي نضع تصورا لهذه المرحلة الانتقالية، هو أيضا، للبحث والمناقشة.
-
رفض الانتخابات القادمة والطلب من المسؤولين عنها تأجيلها. نحن ندرك صعوبة هذا الأمر، ولكننا نركّز على الرفقاء والأمناء العاملين ضمن تنظيم الروشة تحديدا للضغط على المسؤولين من أجل القيام بهذه الخطوة؛
-
وقف العمل برتبة الأمانة وقتيًا خاصة لناحية الأعداد الكبيرة من الرفقاء الذين منحوا هذه الرتبة في شكل يدعو للريبة؛
-
إلغاء جميع قرارات الفصل والطرد الاعتباطية؛
-
في حال إصرار الإدارة على إجراء الانتخابات، مقاطعتها ورفض نتائجها لحين استيفاء مجموعة من الشروط الضرورية هي:
-
مراجعة نقدية للتنظيمات الحزبية الثلاثة والمعارضات القائمة. المراجعة ذاتية وعامة. بمعنى انه على كل تنظيم القيام بنقد تجربته، وتجربة سواه من التنظيمات؛
-
الهدف من هذه المراجعات هو الوصول إلى “حزب واحد قيادة واحدة” خلال فترة زمنية يصار إلى تحديدها؛
-
تتضمن هذه المراجعة جميع المحاور الأساسية: الدساتير المعمول بها، الأداء الإداري، العلاقات الداخلية والخارجية؛
-
أية قيادة ترفض مثل هذه المراجعة تُنبذ من قبل أعضائها أولا؛
-
تحدد فترة المراجعة بمدة ستة أشهر يقدم في نهايتها كل تنظيم تقريرًا يشمل نقده الذاتي والخارجي، وأفكارًا عملية للخروج من الأزمة؛
-
تقوم لجنة من الفرقاء كلهم بتنظيم هذه المقترحات ووضع خطة عمل، خلال ستة أشهر أخرى من تاريخ استلامها للتقارير الثلاث، للوصول إلى صيغة “حزب واحد قيادة واحدة.”
-
لا خلاص لسوريا دون الحزب السوري القومي الاجتماعي كقائد لعملية تغيير شاملة في المجتمع. ولا خلاص للحزب على يد من أوصله إلى هنا. الخلاص هو على يد القوميين الاجتماعيين المخلصين.