1

أنا مهتم

اسامه المهتار

 

نبقى مع التخطيط انطلاقا مما كتبناه في مقال سابق تحت عنوان “الهدية“.

في ذلك المقال، سألنا ما إذا كان بإمكان أية مؤسسة ان تحقق غايتها إن لم تخطط لذلك، وكان الجواب البديهي لذلك هو “طبعا، لا.” في هذا المقال، سوف نأخذ مثلا حياً عما يحدث حين لا تخطط المؤسسة لعمل ما وماذا تكون النتائج. سوف نأخذ تعاطي الحزب السوري القومي الاجتماعي، بكافة فئاته، مع استحقاق الانتخابات اللبنانية علنا نستخلص العبر. وبودنا التأكيد قبل الغوص في هذه العملية ان هدفنا ليس الانتخابات بحد ذاتها، فهذا تفصيل. الهدف هو دراسة مسار التخطيط.

يجمع خبراء التخطيط وإدارة التغييرعلى أن أي مشروع تقوم به المؤسسة يجب ان تكون له فوائد قياسية واضحة وإلا كان من لزوم ما لا يلزم. ونقصد بكلمة قياسية انه يمكن قياسها بالأرقام. والفوائد هي حاصل طرح كلفة أي مشروع من مردوده، وهذا ما يقرر ما إذا كان المشروع يقدم فائدة للمؤسسة، أم ضررا أم جهدا ضائعا بلا جدوى، وهذه خسارة أيضا.

بالتالي، فإن السؤال الأول الذي يجب ان نبدأ به عملية التخطيط للانتخابات اللبنانية هو، “ما هي الفائدة لنا من خوض الانتخابات؟” والـ “نا” في لنا، هي ضمير متصل يشير إلى الحزب وقضيته، وليس لأي “نا” تابعة لشخصية منتفخة بغرورها. ثانيا، إذا خضنا الانتخابات، ما هي النتائج التي يمكن ان نحصّلها؟ ما هي كلفتها؟ ما هو مردودها على الوطن في شكل عام؟ ما هو مردودها على الحركة – الحزب؟ هل يكون مردود صرف كلفة الانتخابات في مشاريع اقتصادية تنموية ذو فائدة أكبر؟

المجموعة الثانية من الأسئلة هي التالية: إذا قررنا المشاركة في الترشح، ما هي قوتنا؟ مع من نتحالف ومع من نرفض التحالف؟ ولماذا؟

المجموعة الثالثة من الأسئلة، وهذه قد تكون لاحقة زمنيا بعد الإجابة عن الأسئلة أعلاه: ما هو مدى التزام الحلفاء بنا؟ ما هو مدى خضوعهم لضغوطات خارجية؟ كيف نتصرف حيالها؟

ثم، نضيّق دائرة الأسئلة فنقول، مثلا، إذا قرر حلفاؤنا التخلي عنا في هذه الدائرة، ماذا تكون ردة فعلنا؟ ما هي مخاطر ردة الفعل هذه؟

ثم نضيّق الدائرة أكثر فنسأل، عن مدى استعداد القوميين للالتزام بقرارات الحزب. كيف نتعامل مع ترشيحات من تنظيمات أخرى تحمل اسم الحزب؟ كيف نتعامل مع قوميين يقررون الترشح من تلقاء أنفسهم؟ ماذا ستكون ردة فعل القوميين المعارضين لقيادة الحزب منذ الانتخابات الحزبية الماضية؟

ولعل السؤال الأهم في وضع الحزب الداخلي هو، هل يتحمل الجسم الحزبي الترشح في الانتخابات اللبنانية بكل قاذوراتها؟ هل من الأفضل ان نصرف الوقت على الانتخابات أم على ترميم الوضع الداخلي؟ وهلم جرا.

يبدو لنا، ومن النتائج الحاصلة لتاريخه، سواء في ترشيحات مركز الروشة، او مركز الدورة، أو معارضين تحت راية تيار النهضة، أن معظم هذه الأسئلة لم يجد طريقه إلى النقاش أو التفكير العميق قبل اتخاذ القرارات، فشاهدنا ترشيحات عشوائية لم يلبث أصحابها ان انسحبوا، أو سُحبوا بالرغم من اعتراضهم، او من دون علمهم، ورأينا قوميين يُرشحون غصبا عنهم وقد بلغوا من العمر شأوا. كذلك رأينا قوميين يُسقطون بالمظلات على مناطق هم منها ولكنهم يعيشون خارجها منذ سنوات، وعلى حساب رفقاء فيها معروفين بخدماتهم واحترام الناس لهم. ثم رأينا ترشيحات تبدو وكأنها جدع للأنف نكاية بالوجه.

أما أين الفائدة من كل هذا؟ ونعني الفائدة للحركة، للحزب، للأمة، للنهضة؟ فلا جواب، لماذا؟ لأن هذا المسار من التخطيط، لم يكن له وجود على ما يبدو لنا.

ما ينطبق على الانتخابات ينطبق على معظم نشاطات القوميين أيمنا كانوا وتحت أي تنظيم انضووا. نعود إلى السؤال الأساس عن التخطيط ونطرح سؤالا آخرا يجب ان يسبقه: هل يمكن لغاية أية مؤسسة أن تتحقق دون إرادة العاملين فيها؟ والجواب هو طبعا لا.

في خضم النقاشات العديدة التي تدور بين القوميين صفاً وقيادة، “روشة” أم “دورة” أم “أمانة عامة”، موالاة ومعارضات، ما هو الحيز الوقتي الذي يأخذه موضوع غاية الحزب السوري القومي الاجتماعي والشروط الضرورية لتحقيقها من هذه النقاشات؟

أترك الجواب لكم.

إذا كان هذا الموضوع يعنيك، ويهمك، نرجو منك التواصل بكلمتين: أنا مهتم