1

“ومبادرتنا عندكم” – رد على مقال خاطرنا عندكم

الأمين جورج رياشي

قرات في العدد الصادر في 19-11-2021 لمجلة الفينيق الإلكترونية، مقالة بعنوان “خاطرنا عندكم“، لرئيس التحرير الرفيق أسامه المهتار، كتبت على خلفية ندوة ثقافية لمجموعة “إعادة البناء” ، شارك فيها الكاتب معربا عن موقفه الرافض للمجلس القومي الحالي كمعبر للخروج من الأزمة الحالية عازيا تلك الأسباب الى:

إنه ليس مجلسا واحدا بل اثنين لا يعترف الواحد منهما بالآخر.

إنه يضم في صفوفه بعض ممن لا يستحق (أعطيت مثلا واحدًا هو العميد الذي استدرج رئيسه إلى حفلة تشاتم صاخبة، سجلها ونشرها، واليوم عيّن عميدا) ويستثني كثر ممن يستحقون.

كونه الهيئة الناخبة والمنتخبة نفسها التي انتجت ما انتجت خلال سنة وشهرين تقريبا، لماذا نتوقع نتائج أفضل مما حصلنا عليه منذ 13 سبتمبر 2020.

إنه كذكر النحل ينتخب مجلسا أعلى ولكن لا صلاحية له لمحاسبته.

لم تكن هذه المقالة لتمر كغيرها من المقالات النقدية للوضع الحزبي، لولا مغالطاتها الدستورية وإستخدامها في محاولة غير بناءة للتهجم على مضمون البيان الأخير” للقاء الوحدة ” كما لولا المحاولة المتكررة في تشويه المؤسسات والخلط بين بنيانها وبين تعاقب الإدارات والأفراد على إدارتها.

وهنا من واجبنا وقبل الخوض في مقالة الرفيق أسامه المهتار الذي نحترمه، أن نبرز بعض الحقائق المرتبطة بهيكلية حزبنا دستورا ونظاما ومؤسسات:

– إن المواد الرابعة والخامسة والسادسة من الدستور تحدد مصدر إنبثاق السلطة  وتكوينها وتنظيم المؤسسات وهيكليتها وشكل النظام ومركزيته التسلسلية، كما كيفية إنشاء الإدارات الحزبية من أجل تحقيق غاية الحزب وخدمة القضية القومية.

– إن المؤسسات هي أهم أعمال سعاده بعد وضعه للفكر وللفلسفة وللعقيدة ، وإن فلسفة دستور سعاده تتميز عن الأحزاب الأخرى التي نشأت في النصف الأول من القرن الماضي، بتوأمة سعاده لبنيان وهيكلية حزبه بين العقيدة الفكر والنهج من جهة وبين الممارسة الواعية من جهة أخرى، كما كان  سعاده سباقا لا بل فريدا في تجسيد مفهومه للعقل الواعي والمدرك ” العقل هو الشرع الأعلى ” ، عبر  وضعه  غاية الحزب ومبادئه الأساسية والإصلاحية مواد في الدستور – مادة أولى وثانية وثالثة. وكانت سلطة الزعامة هي الضمانة للعقيدة والفكر والنهج ، في خطوة تحمل الجرأة في الطرح والموقف، والإيمان  بفكره وبحزبه ومؤسساته من بعده كونه خاطب أجيالا لم تولد بعد.

– علينا دائما التمييز بين المؤسسات والمصالح التي تستمد سلطتها من الدستور، وبين الإدارات المتعاقبة ( مجموعة الأفراد الموكلين ممارسة السلطة) على هذه المؤسسات والتي تمارس السلطات المنوطة بالمؤسسات حسب الدستور .

– إن دستور حزبنا لم يلحظ في بنوده حلول وآليات لمعالجة حالات الإنشقاق والخروج الدستوري، ولكن سعاده حدد أن  القوميين الإجتماعيين هم مصدر إنبثاق السلطة في المادة الرابعة ، وقبل التصنيف في 1937 إعتمد قانون الطوارئ الذي انسجم مع المادة الرابعة من الدستور،  وذلك بالعودة الى القوميين في مجالس المنفذيات ولجان المديريات لإنبثاق مجالس وسلطات الطوارئ.

– إن مؤسسة المجلس القومي هي المؤسسة التي تعبر عن إرادة القوميين العامة طبقا لدستورنا الحالي، وإن أعضاء المجلس القومي الحالي يمثلون مجتمعون الإرادة العامة للقوميين الإجتماعيين، كما أن الأعضاء المنتخبون في المجلس القومي الحالي هم ناتج خيار الوحدات الحزبية التي دعيت الى ممارسة دورها سنة 2019 فأنتجت بإنتخاباتها هذا المجلس القومي الذي صنفه وبغير حق الكاتب بأنه مجلسين لا واحد، ويضم في صفوفه من لا يستحق ، وللأمانة وقول الحق فهذا المجلس لم يستثن أحدا الا من قاطع الإنتخابات عن قصد وفوت فرصة مشاركته البناءة بإنبثاق السلطة.

وهنا نعود إلى مقالة رئيس تحرير مجلة الفينيق في تقييمه وانتقاده السلبي  لبيان “لقاء الوحدة” ووصوله لبعض الخلاصات غير الموضوعية في محاولة غير بناءة في إضفاء صفات دونية توصيفية على بعض أفراد أعضاء في المجلس القومي، وسحبه الممنهج لهذه الخلاصات من الخاص الى العام لضرب مشروعية ودستورية هذه المؤسسة ومحاولة تعميم التشكيك في دورها.

وهنا نريد أن نلفت إنتباه الكاتب، بأن لقاء الوحدة هو جزء من الصف الحزبي الذي يعاني من أزمة الإنشقاق، وأن اللقاء بتكوينه يمثل جزء من المجلس القومي الحالي ،وهو المتفاعل يوميا مع الصف الحزبي، والمبادر عبر ما طرحه من رؤية لوحدة السوريين القوميين الإجتماعيين، المقرونة بعملية إنقاذ الحزب وإصلاحه، وكان اللقاء  بأعضائه، صاحب موقف مبدئي من الإنتخابات غير الدستورية في 13 أيلول  2020، وفي ظل الأزمة العاصفة في حزبنا والإنشقاق الحاصل ، تبقى مؤسسة المجلس القومي الحالي المتكأ الدستوري، والمعبرة عن الإرادة العامة رغم كل ما أحاط ببعض أعضاءها من الشوائب ورغم بعض الطعون  ، وهي المؤسسة المعترف بها دستوريا من جميع  الفرقاء وصاحبة الفصل في إنبثاق السلطة عبر إنتخابات واحدة تتمتع بالنصاب الدستوري وبالطرح الإصلاحي الإنقاذي والوحدوي.

أختلف مع الكاتب جذريا في تعميمه توصيف بعض أعضاء المجلس القومي الحالي، على المؤسسة بذاتها وعلى دورها وإعتبارها مؤسسة عقيمة، ففي هذا إجحاف بحق الاف القوميين الذين شاركوا في إنتاجها بهمة صادقة وبإيمان بحزبهم،  كما يعتبر تشهيرا وتجنيا بحق معظم أعضاء المجلس القومي  الصادقين المناضلين من أمناء ومندوبين منتخبين، الرافضين للنهج الفئوي ومشتقاته، والتواقين والمبادرين للوحدة والإصلاح، والعاملين بصدق وإخلاص من أجل خدمة القضية القومية.

وهنا يحق لنا أن نستطرد بالأمثلة التالية، هل الأزمات في بعض الأمم والتي تؤدي الى فرز في أعضاء البرلمان الذين بدورهم ومن خلال تكوينه فيهم الفاسد، والجيد والشتام والمشتوم ….. هل يعطي هذا الحق للتشكيك بمؤسسة البرلمان، ودوره ، أو هل يكون المخرج بأن نستقيل من الدولة ؟؟؟؟ اليست هذه تجربة يعاني منها جميع شعوب الأرض بنسب وتفاوة مختلفة تعكسها ظروفهم الموضوعية والعديد من الدول المتقدمة حيث نقيم في المغتربات.

رفيقي العزيز أسامه المهتار ، بمعزل عن تموضعنا المختلف في المكان، والمتقارب في التوجه، وإحتراما لدور لقاء الوحدة ودوره كأكبر تيار معترض يحمل مشروعا إستنهاضيا وحدويا وإصلاحيا في الحزب ويستقطب خطابه وموقفه ودوره ما يناهز حاليا ثلث أعضاء المجلس القومي الحالي ويستقطب الصف الحزبي في المتحدات وهو في خط المواجهة الأول مع حالات الإنشقاق ، كما إحتراما لمحاولة فريق “إعادة البناء” وتجربته ، أود أن أؤكد بأن جميع المجموعات المعترضة والإدارات الحالية تعمل على مادة بشرية واحدة، هي الجسم الحزبي الحالي بكل إيجابياته وشوائبه، وإن أي تمثيل لهذا الجسم في ظل وضع الحزب المتردي ، أكان في مجلسا قوميا كما نحن عليه اليوم في دستورنا ، أم في لجان مديريات ومجالس منفذيات كما تطرح مجموعة إعادة البناء لن يغير في نوعية مصدر إنبثاق السلطة الا إذا ما إقترنت هذه العملية بمسار تثقيفي جدي، وتأهيلي وإداري مقرون بالمحاسبة، يعيد للنهضة رونقها في صفوفها أولا وفي المجتمع والأمة ثانيا، ويرفع منسوب الوعي عند الرفيق والناخب والمرشح، حتى يأتي التمثيل الديمقراطي بعمليته الإنتخابية، تعبيرا ديمقراطيا عن روح النهضة ودورها في المندوبين المنتخبين.

وإنني إذ  أحترم حق خيار كل من رأى في تموضعه في هذه الأزمة الحزبية، وخيارك في أعادة البناء، وحتى لا يلتبس على البعض الإصطفاف النوعي في المجموعات المعترضة، فإن مجموعة إعادة البناء تذخر بالأمناء والمندوبين من لقاء الوحدة،   حيث كنا دائما نقيم توجه أي مجموعة بموضوعية علمية و بإيجابية ونحاول صهر إختلافاتنا في الرأي في مصهر المصلحة الحزبية العليا.

ولقد استوقفني الكاتب في معرض ملاحظاته على بيان لقاء الوحدة وخاصة في يختص المبادرات الإنقاذية والوحدوية، وهنا نود أن نوضح بأنه في ظل الإنشقاقات الحاصلة وفقدان الوسائل الدستورية ، والهتك بالدستور من قبل الإدارتين، لا بد من إطلاق مبادرة إنقاذية وحدوية إصلاحية تستوي تحت سقف مصلحة لحزب ولصالح وحدة السوريين القوميين الإجتماعيين على حساب الإنشقاق وإداراته المغتصبة للسلطة من خلال إنتخابات لم تستوف النصاب القانوني أصلا، فكيف بها والتعبير عن الإرادة العامة للقوميين الإجتماعيين!! هذه الإرادة التي حتما ستدين ومن خلال هذا المجلس القومي وتركيبته حالات الإنشقاق والتفسخ والتبدد في الصف الحزبي.

 مع كامل إحترامي لكاتب المقال ولتوجه مجموعة “إعادة البناء” التي يمثلها، أعتقد ان مقاربة الأزمة الحزبية من هذه الزاوية، وبهذه السلبية في هذا المقال، لم تكن موفقة، كونها إستفاضت في توصيف الأزمة والأفراد وتقييمهم، دون الخلاصة الى حلول وتوصيات تخرجنا جميعا من وحل الأزمات.

وحتى لا تكون هذه المداخلة ردا على مقالة الفينيق  فقط، ولأن إنقاذ الحزب لا يبنى على السلبيات، بل على الحوار البناء والتفاعل الإيجابي  إننا ندعو الرفيق أسامه المهتار والرفقاء في إعادة البناء الى حوار من خارج الإدارات الحزبية يحقق وحدة إتجاه في مقاربة مشروع إنقاذ الحزب ووحدة السوريين القوميين الإجتماعيين، ويؤدي الى نبذ خطاب الكراهية، وإعلاء المصلحة الحزبية العامة وخطاب الوحدة المناقبي والإيجابي على كل إختلاف في وجهات النظر في سبيل الوحدة وخدمة القضية القومية.

و ” مبادرتنا عندكم “

تحيا سورية