1

نحو الانتحار بافتخار – رئيس التحرير

يقف الحزب السوري القومي الاجتماعي على مفترق طرق في خضم تخبط كبير تشهده التنظيمات التي تحمل اسمه ناهيك عن المعارضات. من مظاهر هذا التخبط تأكيد تنظيم النائب أسعد حردان عن أن الانتخابات التي كان قد أعلن عنها “بمن حضر”، وذلك في أعقاب مؤتمر لم يؤمن النصاب الانتخابي المطلوب، سوف تتم في موعدها. هذا التأكيد عبّر عنه أحد الرفقاء بقوله: “نحو الانتحار بافتخار.”

لا ندري ما إذا كانت هذه الانتخابات ستتم أم لا، وما إذا كان الحلفاء في صدد الضغط لمنعها، تمهيدا لعقد انتخابات شاملة جديدة، أو أنهم يرونها خطوة ممتازة في طريق إزالة المنافس الوحيد المفترض للسياسات الكيانية والانفلاشية والمذهبية السائدة. ولكن ما لا شك فيه أن عَمَه البصيرة الناجم عن نزعة فردية منفلتة هو سيد الموقف.  

في المقابل، نرى ان فريق مركز الروشة الذي ضيّع عددا من الفرص في أكثر من محطة منذ استلامه للسلطة بعد انتخابات 13 أيلول الماضي، يعيش على رصيد “إزالة حردان”، غير عابئ أن هذا الرصيد قد نفذ منذ زمن بعيد، وأن الإصلاحات التي كان يجب ان يبادر إليها فورا، ولم يفعل، تحاصره اليوم وتغلق أمامه المنافذ.

في مواجهة هذا الواقع هناك رأيان متداولان، سوف نعرضهما هنا. الأول لمجموعة الإنقاذ والإصلاح والوحدة والثاني لمجموعة إعادة البناء.

الرأي الأول الذي يدعو إلى مؤتمر “جامع واحد موحد…حيث يفترض أن يتوحد الجميع وتنصهر الارادات تتويجا لوحدة حزبنا عشية عيد التأسيس في 16 تشرين الثاني 2021“! الرأي الثاني يقول بوقف العمل برتبة الأمانة لفترة معينة، ودعوة الوحدات لانتخاب مندوبين جدد يقومون هم بانتخاب قيادة انتقالية للحزب. هذه القيادة تتولى الإشراف على تعديل الدستور وعلى انتخابات جديدة على أساسه، بالتزامن مع فتح ملف رتبة الأمانة والتحقيق فيمن منح هذه الرتبة ومن حجبت عنه ولماذا.

لا شك في أن الرأيين يختلفان اختلافا جذريا في المنطلق والتوجه. الأول يعتمد المجلس القومي الحالي كي تنبثق عنه سلطة “واحدة موحدة”، الثاني يرفض المجلس القومي من أساسه ويدعو إلى قطع جذري مع وسيلة انبثاق السلطة المتبعة.

نحن نرى أن الرأي الأول، إذا أزلنا منه زخرف “الجامع والواحد والموحد والوحدة “هو كلام يتجاهل الحقائق ويدعو للقفز فوقها. إنه يقفز فوق ثلاثين سنة من الممارسات التي أوصلتنا إلى هنا. إنه يقفز فوق التشاتم والاشاعات والجرائم المالية وغير المالية التي ارتكبت. إنه يطلب من المصلح ان يتوحد مع الفاسد. إنه كلام لا يرى مخرجا سوى عبر “المجلس القومي” في حين أن هذا “المجلس القومي” فكرة وممارسة ونهجا وأشخاصا لم يكن أكثر من “ذَكَرِ نحل” يستخدمه من دمّر الحزب لاستيلاد قيادات على شاكلته وتأتمر بأمره وأمر الحلفاء.

الرأي الثاني، بالرغم من قناعتنا التامة به ومساهمتنا في صياغته، لم يلق أذنا صاغية بعد، لا بين القوميين المنكفئين، حيث يطلب منهم تنظيم أنفسهم في وحدات مستقلة عن جميع الأطراف، يكون لها صوت في تقرير مستقبل الحزب، ولا لدى قيادة الروشة التي تملك قوة إصدار قوانين انتقالية. هذه القيادة لا ترى ان الشأن الدستوري هو أولوية!

ربما نرى ضغطا في الساعات القليلة القادمة يوقف انتخابات تنظيم حردان، ويدفع الجميع إلى مؤتمر لانتخاب قيادة جديدة على أساس “تنافسي”. والمنافسة هنا هي برقع تختبئ وراءه “التسوية” وصولا إلى “الوحدة”. إي عَودٌ إلى حيث كنا قبل 13 أيلول الماضي، مع تغيير في الأشخاص، ولكن ليس في العقلية التي أوصلت إلى هنا.

كل هذا في رأينا باطل لن يخرج الحزب من أزمته، بل سوف يجمّدها، ويجمّلها بطلاء عاطفي براق من التكاذب كالذي رأيناه إبان الوحدات السابقة.

ليست مشكلة الحزب في شخص ما وضرورة “حفظ ماء وجهه”. فهذا الشخص لم يحفظ للحزب كرامة ولا وجها. المشكلة هي في عقلية سادت الحزب وتسوده وترفض اتخاذ الخطوات الجذرية الضرورية لاستعادة دوره.

هل ينجو الحزب من شر الانقسام عبر الانتخابات الفئوية ليقع في براثن دب “الوحدة” مع الفساد؟ أم هل سيستفيق القوميون المهمشون إلى دورهم فيقومون به لإنقاذ الحزب من هذين الشرّين؟ هذا سؤال ستجيب عنه الأيام والأسابيع القادمة.