1

مكافحة الشعب!

في قديم الزمان، اجتمعت اللجنة التي شكلتها الحكومة في أحد البلدان، من أجل إيجاد الحلول لمشاكل الشعب، وقد حضر جميع الأعضاء الذين اختارتهم بعناية استناداً إلى خبراتهم الطويلة في حَلحَلة قضايا الناس.

الرجل الذي اشتهر تاريخياً بأنه قطع يده وشحد عليها، جلس في الصدر؛ على يمينه جاء “مَنْ شمّع الخيط ثم هرب”، وجهة اليسار من قال: “أنا ومن بعدي الطوفان”، وفي الوسط جلس من طالبوه مرةً بأداء اليمين فقال أتاني الفرج. المعروف باستخدام طريقة “من دهنو سقّيلو” حضر هو الآخر، ومعه صاحب أسلوب “من برا رخام ومن جوا سخام”، وجانبهم كان مخترع “أنا ومن بعدي الطوفان”، وكذلك من يُقال له “تيس .. فيقول احلبوه”، حتى الأقرع الذي احتار الناس من أين يمشطوه لم يتخلف عن الاجتماع. وكذلك “المقطّع الموصّل” و”السَّهْيَان” ومَن “يُسلحب سَلْحبة” و”العديم الذي وقع في سلة تين”… جميعهم حضروا ومعهم ملفات الشعب المعقدة في السياسة، والاقتصاد، والتربية، والثقافة!

الأول قال لنقطع يد الشعب وندفعه للتسوّل، فتلك أنسب طريقة لتحسين وضعه المادي! آخر قال: إن الشعب يأكل بشكل مفرط، ومن الأفضل إجراء عمليات تصغير معدة كي يقتصد في الأكل.. آخرون رأوا أن الشعب يفكر بشكل زائد، ومن الأفضل استئصال مخه واستبداله بأمخاخ مستوردة نخب ثان أو ثالث.. الأصلع طلب أن يحلقوا للشعب “زيرو على الصفر” فذلك أفضل لطرد الحظ السيىء، “المقطّع الموصّل” ذهب أبعد من ذلك فقال: إن الشعب “عضمو دهب” ولابد من اختراع طريقه تدفعه إلى “قبِّ” البلاطة من أجل دعم الخزينة.. “السهيان” قال إن الشعب طمّاع ولابد أن نُريه “العين الحمرا” لأن سياسة “يا عيني ويا روحي” لم تنفع مع جميع الشعوب تاريخياً.. “الفهلوي” الأخير بين المجتمعين قال: يا أخي يجب تشكيل لجنة مهمتها مكافحة الشعب، لأن وجود الشعوب في الدول المتطورة أمرٌ غير مقبول على الإطلاق!

منذ ذلك الزمن البعيد، تم وضع الاستراتيجيات والبرامج التنموية المطبقة حتى اليوم.. أما الشعب.. الشعب “ما غيرو”، وكما يقول الرحابنة “بطوّل بالو كتير..” عرفتوا كيف؟