1

قد فقدنا الطريق في غزة!!

اعتبارا من هذا العدد، تبدأ الفينيق بنشر مقالات مترجمة عن صحافة العدو. إن المجلة لا تتبنى ما يرد في المقالات ولا المفردات المستخدمة والتي نضع بعضها بين مزدوجين. إننا ننشرها تعميما للفائدة.

خاص الفينيق – ترجمة مهند الصبّاح

الميجر جنيرال (في الاحتياط) يتسحاق جرشون، القائد العسكري للضفة الغربية في الانتفاضة الثانية

30/09/2021 صحيفة “إسرائيل” هايوم

الاستراتيجية “الاسرائيلية” الحائرة وشعور عدونا بأننا فقدنا قوة الردع

في النقاش الدائر حول غزة يستخدم مصطلح “الردع” وهو مصطلح تجميلي بامتياز لتبرير الاستراتيجية “الاسرائيلية” مبتورة الأجنحة تجاه القطاع، وكذلك الحال ينسحب على مصطلح ” الاستيعاب” الذي يدلل على مدى القصور في التعامل أيضاً، فالتاريخ يعلمنا أن التعامل مع قوى “الارهاب” ذات المشارب الدينية بهذه الطريقة لا يؤتي ثماره مطلقا، وبقي أمامنا أن نرجو من الأيام أن تفعل فعلها!

“إسرائيل” هي قوة إقليمية بكل المقاييس، ومع ذلك لم تجد الوسائل المناسبة من أجل تنظيم علاقتها مع دولة غزة “الارهابية”. استراتيجيتنا – إن وجدت استراتيجية أصلاً-. استراتيجيتنا هي استراتيجية جامدة غير متحركة ولا تواكب التغييرات الحاصلة هناك، على عكس ما كان في الماضي حيث تميزت الاستراتيجية “الاسرائيلية” بعنصر المبادرة والمباغتة، حتى جاءت دولة “حماسستان” وانقلبت الاستراتيجية من المبادرة والفعل إلى التلقي وردة الفعل، وبالتالي إتاحة الفرصة أمام عدونا لضربنا وتهديد سيادتنا على الأرض وأمن مواطنينا على رقعة جغرافية كبيرة، والنتيجة تغيير قواعد سادت طويلا، واستطاع العدو تنويمنا، ونجح بالربط بينه وبين القدس. حصل كل ذلك برعاية حكومة مشتتة لا تمتلك استراتيجية متماسكة، تسعى لشراء هدوء مؤقت، عاجزة عن إيقاف البالونات الحارقة، متفاخرة لعدم خروجها للحرب، وكأن هناك سبب واحد ووحيد يعطيها الشرعية للخروج للحرب ألا وهي الحرب الكبرى!

الحرب على غزة عديمة الفائدة، وذلك ليس بسبب عدم مقدرة الجيش على احتلال القطاع وتفكيك المنظمات المسلحة هناك، بل السبب الحقيقي لعدم جدوتها هو أن مثل هكذا حرب سترفع أسهم حماس بين صفوف الفلسطينيين وستظهرها بمظهر الدرع الحامي لهم، وستساعدها الحرب في تعجيل سيطرتها على مناطق “يهودا وشمرون”، لكن في الحقيقة إن الاستراتيجية “الاسرائيلية” مبتورة الأجنحة هي من ستجعل من حماس درع للفلسطينيين وتسرّع امكانية سيطرتها على “يهودا وشمرون”.

ما السبب الذي وضعنا في طريق بلا مخرج؟ والجواب هو أن عدونا أدرك أن لا طاقة لنا في مواصلة القتال ولا رغبة لنا في ذلك، وغير قادرين على دفع أثمان باهظة تتعلق في تحقيق الحلم الصهيوني. يوجد في داخلنا سياسيون يريدون إرجاع عقارب الساعة إلى الوراء- وكأنه لم تمر 30 عاما- وما زال هؤلاء السياسيين ينظرون إلى الساحة الفلسطينية على أنها منقسمة إلى قسمين، الأول قسم المعتدلين، والثاني قسم الراديكاليين، وأنهم في حال دعموا المعتدلين فإنهم سينجحون في خلق واقع أكثر ملائمة وأكثر راحة لإسرائيل. ولكن قد حان الوقت كي نقرر ما هي مصلحة الامن القومي لنا، ويجب السعي نحو تحقيق أهدافنا.

فمثلاً ما حدث في الحرب الاخيرة “حامي الاسوار” هو بمثابة أمر مخجل لإسرائيل، بادرت حماس بالحرب، وخرجت دولة اسرائيل للحرب وقامت بضرب حماس بلا رحمة وبلا هوادة، لكن على أرض الواقع فشلت اسرائيل في القطع بين حماس وبين القدس، كان حريّا بإسرائيل إخلاء منازل الشيخ جراح وعدم الرضوخ، وكان حريّا بها أيضا البدء في البناء في منطقة “جغعات هامتوس” في القدس. وفي النهاية تقرر في اسرائيل على انهاء الجولة وابقاء المعركة مفتوحة، وذلك من أجل توجيه رسالة إلى قادة حماس بأنهم سيدفعون أرواحهم ثمنا إذا ما عادوا للتصعيد، ولكن الجري واللهث وراء تسوية برعاية مصرية، وإدخال المعونات الإنسانية للقطاع في اليوم التالي لانتهاء الجولة، كان بمثابة انتهاء الحرب نهائيا، وأدرك قادة حماس أن ما حققته هذه الجولة هو ما سيكون تماما في المستقبل.

نحن نقول شيئا ونفعل شيئا آخر، وهذا ما يستغله الطرف الأخر بذكاء بالغ من أجل تقليص الخيارات أمامنا، بكلمات أخرى تم التخطيط للعمل، بيد أن التنفيذ كان على النقيض تماما. ومنذ صعود حماس للحكم ولغاية اليوم، وجدنا أنفسنا في طريق بلا مخرج وتتدحرج الأمور بدون أية سيطرة. والوقائع تتطلب استراتيجية جديدة وأفكار ناجعة وفعالة للتعامل معها.