1

عَ الهسّ.. النسّ!

بعد دهرٍ من الصبرِ وطولِ البال، ضاقَ “دهنو” ذرعاً من ممارسات “سقّيلو”، فهذا الأخير لم يترك شائنةً إلا وفعلها، إلى درجة أن سيرة “دهنو” أصبحت على كل لسان، وبات مضرب المثل في التواطؤ والسكوت كأنه جزءٌ من اللعبة، مع أنه، كما يقول، مغلوبٌ على أمره ولا يملك شيئاً أمام أخيه “سقّيلو” المدعوم والواصل نتيجة علاقاته الكثيرة وخبرته في الرشوة والجَرْم واستخلاص الدسم حتى من الهياكل العظيمة!

“سقّيلو” علّم الحكومات كيف تشفط دسم الشعوب ثم تجعلها سعيدة وهي تعيش عيشة الكلاب على الشعارات والدبكة.. كما أرشدها إلى كيفية زيادة الرواتب من زيادة الضرائب، ومن ثم ضَرْب الشعبِ “منيّةً” بأن ذلك مكسبٌ عظيم.. وعندما تدخل “سقّيلو” في السياسة، أرشد الإدارات إلى طريقة تبديل الطرابيش في الانتخابات بحيث يتبدل الأشخاص ولا يتغير أسلوب العمل والتفكير، وعندما ذهب “سقّيلو” باتجاه الاقتصاد كانت الطامة الكبرى، فقد علّم الحكومات أيضاً كيف تضع رجلاً في اشتراكية التعتير وأخرى في ليبرالية الفساد، أما في الأيديولوجيات الغيبية فقد اخترع “سقّيلو” أسلوب سلب الناس مِتعَ الدنيا “الفانية” أملاً في مكاسب الآخرة.. وكان الناس في كل ذلك يقولون: “من دهنو سقّيلو” ويلقون بالملامة على “دهنو” الذي لا يحرك ساكناً إزاء ممارسات “سقّيلو” التي فاقت الحدود!

أخيراً، صرخ “دهنو” في وجه “سقّيلو” قائلاً: لقد شفَّيتَ “ليَّة” الجماهير المناضلة يا سقّيلو، ثم أهديتهم الجلاميط مع الشعارات البراقة، وأقنعتهم بأنهم يعيشون بألف نعمة مقارنة بغيرهم من الشعوب التي انقرضت مثل الديناصورات.. ولم تكتفِ بذلك، فقد أفشلت القطاع العام ثم بعته للتجار بدعوى الخصخصة التي لم تكن إلا سمسرة، واخترعت أسلوب “السَّقسقة” ثم سيّحتَ دسم البلاد وصنعت منه معلبات في البنوك الخارجية والبورصات.. لقد حان الوقت لنضع حداً لهذه “اللقلقة” بالمصالح العامة والأخلاق، ومن اليوم فصاعداً سنقطع عنك الشحوم الثلاثية والكوليسترول حتى تعود إلى رشدك فتعرف أن الله حق!

أزبد “دهنو” وهَمْترَ ثم صالَ وجالَ متحدثاً عن العدالة في توزيع الثروة والأخلاق في تربية المجتمعات والالتزام بالقانون والمحافظة على قوت الشعب، بينما كانت مرحلة “من لحمو شفّيلو” تستشري على “الهسّ النسّ”.. عرفتوا كيف؟