صلب الموضوع – رد على الرد
بادئ بدء أشكر الأمين جورج على مقاله “مبادرتنا عندكم” وكذلك رد الرفيق سامي سماحة، فنحن أحوج ما نكون للحوار البناء، ومجلة الفينيق أنشأت لمثل هذا الغرض.
وكم تمنيت لو أن رد الأمين جورج بقي في صلب الموضوع المتعلق بما إذا كان المجلس القومي هو المعبّر والممثل لإرادة القوميين العامة أم لا. فهناك العديد مما ورد في الرد مما لم أقله، أو الأوصاف والاستنتاجات التي لا تنطبق على ما كتبت. ولكن لنتجاوز هذا ولنبق في صلب الموضوع والذي هو تركيبة المجلس القومي ودوره.
نعم، لنا رأي في مشروعية المجلس القومي وانسجامه مع فلسفة دستور سعاده لناحية كون الأمناء أعضاء حكميين فيه. ولكن هذا ليس موضوع خلاف بيننا بل اتفاق. فلقاء الوحدة يتبنى هذا الطرح كما عبّر عن ذلك الأمين زهير فياض في ندوة مجموعة إعادة البناء.
يقول الأمين جورج، “…توأمة سعاده لبنيان وهيكلية حزبه بين العقيدة الفكر والنهج من جهة وبين الممارسة الواعية من جهة أخرى.” ويضيف أن سعاده “وضع غاية الحزب ومبادئه في صلب الدستور”. نحن نوافق الأمين جورج في كل هذا، ولكنه يدفعنا لطرح جملة من الأسئلة: ما هي قيمة الهيكلية الحزبية إذا عزلناها عن فكرها ونهجها وممارستها الواعية؟ وهل كانت ممارسات القيادات المنبثقة عن المجلس القومي في شكله الحالي، ومنذ اعتماده كمرجعية لانبثاق السلطة، متوائمة مع عقيدة الحزب ونهجه، أم أنها كانت منعزلة عنهما كليا؟ وفي ظل كون الأمناء أعضاء حكميين في الهيئة الناخبة، وفي ظل كون آلية منح رتبة الأمانة بيد “المانح المستفيد”، هل يمكن أن يكون المجلس القومي غير ما هو عليه اليوم؟
كذلك لا خلاف حول كون القوميين مصدر السلطات وحول مرسوم الطوارئ لسنة 1936، فهذان الأمران هما في صميم مبادرتنا التي ينفي الأمين جورج وجودها، مع أنها كانت المادة التي قدمناها في الندوة التي أشار إليها، ناهيك عن عدد المرات التي كتبنا حولها وشرحناها وناقشناها مع الأمين جورج مباشرة، منذ مقالنا “حزب بلا قيادة” الذي نشرناه سنة 2016.
إن الإصرار على اعتبار “أعضاء المجلس القومي الحالي يمثلون مجتمعين الإرادة العامة للقوميين الاجتماعيين“. يضعنا أمام معضلة منطقية: إذا كان المجلس القومي الحالي يعبّر عن إرادة القوميين ويمثلها، ألا تكون هذه الإرادة هي التي أوصلتنا إلى هذا الانشقاق حيث يوجد رئيسين ومجلسين أعليين ومجلسي عمد؟! وإذا كانت هذه هي إرادة القوميين فلماذا نعاندها؟ ولماذا نحاول تغييرها؟ ألا يجدر بنا الانصياع لها عوضا من تشكيل “لقاء الوحدة” و”إعادة البناء” وغيرها من المجموعات التي تسعى لتغيير هذه “الإرادة”؟
إن هذه المعضلة توصلنا إلى واحدة من نتيجتين: إما أن إرادة القوميين لا علاقة لها بوحدة القوميين الروحية والعملية ولا بغاية حزبهم وعقيدته ونهجه، أو أن المجلس القومي ليس هو المعبّر ولا الممثل عن حقيقة القوميين الاجتماعيين وإرادتهم. فما هو الصحيح؟
إننا نأمل ان يضيء هذا التوضيح على النقاش المهم الدائر بغية الوصول إلى رؤية واحدة تخرجنا من أزمة الحزب.