1

شروط العقد القومي الاجتماعي

زهير قتلان

جاء في مقدمة الدستور:

“تأسس الحزب السوري القومي الاجتماعي بموجب تعاقد بين الشارع صاحب الدعوة إلى القومية السورية، وبين المقبلين على الدعوة. على أن يكون واضع أسس النهضة السورية القومية الاجتماعية زعيم الحزب مدى حياته وعلى أن يكون معتنقو دعوته أعضاء في الحزب يدافعون عن قضيته ويؤيدون الزعيم تأييدًا مطلقا في كل تشريعاته وإدارته الدستورية..”

 يتبع التعريفَ بالعقد وتحديد محله والغاية منه والباعث عليه والتعريف بأطرافه وبيان طبيعته، السّؤالُ ما هي شروط العقد، وما هي التزامات المتعاقدين؟

طبيعي، كما ذَكرنا، أن القومية الاجتماعية التي هي استنهاض أمة عرَّفها صاحب الدعوة بأنها واقع اجتماعي. وأن القومية التي هي ولاء للأمة هي ثقة القوم بأنفسهم واعتماد الأمة على نفسها، توجب، مع خطورة الغاية وأهميتها وغًيرِيَّتها وتعلقها بمصير الأمة وسيادتها، أن تكون القيادة لتحقيق الغاية لصاحب الدعوة، بحسبانه راسم نظام مسيرتها، مكتشف حقيقة الأمة وتاريخها الحضاري ومثبت هويتها، وواضع أسس بعثها وارتقائها، المعبر عن إرادتها فكرًا ونهجًا، أن يكون هو ربَّانها. لذا كان شرطه على المقبل على الدعوة، ولسلامة حركتها، أن يكون زعيمًا للحزب صاحب السلطتين التشريعية والتنفيذية مدى حياته، وأن يكون معتنقو دعوته المؤمنون بالمبادئ التي وضعها، أعضاء في الحزب يدافعون عن قضيته ويؤيدون الزعيم تأييدًا مطلقًا في كل تشريعاته وإدارته الدستورية.  

أ- شروط صاحب الدعوة على المقبل عليها:

  • أن يكون صاحبُ الدعوة زعيمًا للحزب مدى حياته
  • أن يكون المقبلُ على الدعوة عضوًا في الحزب يدافع عن قضيته
  • أن يؤيد الزعيم تأييدًا مطلقًا في كل تشريعاته وإدارته الدستورية

 هذه هي الشروط التي بقبولها يصبح المقبل على الدعوة مرشحًا للعضوية، وبأدائه قسم الانتماء، يغدو عضوًا ملتزمًا بالعمل على تحقيق غاية الحزب وبتأييد الزعيم تأييدًا مطلقًا في كافة قراراته وتشريعاته وإدارته الدستورية، في الحدود التي عينها الدستور، وليس في تجاوزها. هذه هي شروط سعاده على المقبل ليكون جنديًا من جنود النهضة. والسؤال هل ثمة اشتراط على صاحب الدعوة ليكون زعيمًا للحزب مدى حياته، وهل زعامة سعاده سلطة مطلقة؟

ب -الشروط في جانب صاحب الدعوة

لابد، وقد أشرنا تحت عنوان شروط صاحب الدعوة على المقبل عليها، من التساؤل: ما هي شروط المقبل على الدعوة على صاحبها؟

إن قيمة سعاده ومكانته الريادية، تتجلى في أنه وباعتباره صاحب الدعوة هو نفسه من قيد سلطة الزعامة، بأن وقف نفسه على أمته السورية ووطنه سورية عاملاً لرقيهما.. والعمل على تحقيق الغاية التي من أجلها أُسِّسَ الحزب، وبعدم الخروج عن محور ونطاق تحقيقها، وشرط على نفسه هو، وليس المقبل عليها، بما أقسم عليه وبعدم الحِيَدةِ عما ورد فيه من عبارات صاغها هو، ملزِمًا نفسه بالتقييد بها، دون اشتراط من سواه، وأدّاه قبل أن يؤدي المقبل قسم الانتماء.

ثانيا – مَوثِقُ العقد

    مَوْثِق العقد، ليس وثيقة أقر بمضمونها طرفاه لدى جهة عامة أو أمام موظف عام، إنه عهد بين صاحب الدعوة والمقبل عليها، قسم الزعامة أداه سعاده، وقسم العضوية، أقسمه المقبل على الدعوة، معقِلُ القسمين وأسُّهما، شرف وحقيقة ومعتقد.  

قسم الزعامة، قسم انعقدت به لصاحب الدعوة زعامة الحزب لأنه:

– هو من أدرك ما بأمته من ويل، وسأل عن السبب ووجد الجواب “نحن أمة فقدت هويتها وضاعت حقيقتها”

 – لأنه هو من كشف هوية الأمة “أننا سوريون وأننا أمة تامة”

– لأنه هو من نفض عن حضارتها ركام التاريخ

                        – لأنه هو أول من قال “العلم الذي لا ينفع كالجهل الذي لا يضر”

  • لأنه هو من وضع قواعد نهوض الأمة
  • لأنه هو من رسم طريق هذه النهضة
  • لأنه هو صاحب الدعوة الى القومية الاجتماعية
  • لأنه هو من حدد الغاية من الدعوة ووضع مبادئ بعث نهضة الأمة
  • لأنه هو المعبر عن حقيقتها وحامل بوصلة سلامة مسيرتها

لذلك كان سعاده زعيم الحزب، ومصدر السلطتين التشريعية والتنفيذية.         

وقسم العضوية أداه المقبل على الدعوة، فصار بتأديته عضوًا في الحزب، يدين بالقومية الاجتماعية ويعتنق مبادئ الحزب السوري القومي الاجتماعي وبزعامة صاحب الدعوة وسلطتيه، بعد أن كان مقبلاُ على الإيمان بالقومية الاجتماعية.

إذن، فموثق العقد، قسم الزعامة، أداه سعاده ملزما نفسه بما ورد فيه. وقسم العضوية هو ما أداه المقبل على الدعوة. ففي كل من القَسَمَين التزامات رتبها على نفسه، فما هي التزامات كل من طرفي العقد، صاحب الدعوة والمقبل عليها؟

ثالثا – التزامات الطرفين

        التزامات صاحب الدعوة

        التزامات صاحب الدعوة حددها قسم الزعامة وفيه ألزم نفسه بأن:

  • يقف نفسه على أمته السورية ووطنه سورية
  • أن يعمل لحياتهما ورقيهما
  • أن يكون أمينًا للمبادئ التي وضعها ولغاية الحزب الذي أسسه
  • أن يستعمل سلطة الزعامة وقوتها في سبيل فلاح الحزب وتحقيق قضيته
  • ألا يستعمل سلطة الزعامة إلاّ من أجل القضية القومية الاجتماعية ومصلحة الأمة بهذا ألزم نفسه ووثقه بما أقسم به عليه.

 

      أ- قسم الزعامة

      “أنا أنطون سعاده أقسم بشرفي وحقيقتي ومعتقدي على أنّي أقف نفسي على أمتي السورية ووطني سورية، عاملاً لحياتهما ورقيهما، وعلى أن أكون أمينًا للمبادئ التي وضعتها وأصبحت تكون قضية الحزب السوري القومي الاجتماعي، ولغاية الحزب وأهدافه، وأن أتولى زعامة الحزب السوري القومي الاجتماعي وأستعمل سلطة الزعامة وقوتها وصلاحياتها في سبيل فلاح الحزب وتحقيق قضيته، وأن لا أستعمل سلطة الزعامة إلاّ من أجل القضية القومية الاجتماعية ومصلحة الأمة على كل هذا أقسم أنا أنطون سعاده.”

     بهذا يقف سعاده أمام ذاته إنسانًا يحمل قيم الحياة، يقسم بمقدسات هي أقانيم إنسانيته شرف وحقيقة ومعتقد، شرف فيه العزة والكرامة وحقيقة مطلقة بوجود إنساني فيه الإباء والكبرياء، معتقد روحي يسمو بعظمة الإيمان، يقسم على أن يكون أمينًا على مبادئ وضعها وأصبحت تشكل قضية أمته وَرَصَدَ حياتَه كلها بما تكتنزه من قدرات وطاقات وإمكانات وبالروح التي تحيا فيه ويحيا بها، وجعلها رهنًا على تحقيق غاية الحزب الذي أنشأه ملزِمًا ذاته بأن لا يستعمل ما ُأُعْطِيَ من سلطات إلاّ لتـحقيق القضية التي آمن بها. ودعا أبناء الأمة ليكونوا جند نصرتها لتعود الى الأمة السورية قُوَّتُها وعِزَّتُها ومكانتُها بين الأمم ولتكون الرافعة للعالم العربي التي تشكل سورياه سيفه ورمحه ودرعه وترسه، ليكون السوريّون حماة الضاد.

أي زعيم هذا الذي جعل وجودَه كلَّه، كل وجوده وحياتَه كلَّها، كل حياته، وقفًا للعمل على عز أمته وفلاحها ورقيها؟

أي زعيم هذا الذي هو نفسه من قيد سلطة الزعامة بالعمل على تحقيق مبادئ الحزب التي أصبحت تكِّون قضية الأمة ومصلحتها. وأن لا يستعمل هذه السلطة وهذه الصلاحيات إلاّ لما ألزم به نفسه، أليس في هذا القسم ما يؤكد أن غاية الحزب وعقيدته هي الثابت في العمل القومي الاجتماعي وأن كل ما ورد في الدستور فيما سوى ذلك من قوانين حزبية وأنظمة ومراسيم وقرارات هي كلها وسائل لتحقيق هذه الغاية وأن هذه الغاية هي الثابت وكل ما سُنّ ووضع من تشريعات وصدر ويصدر من قرارات هو المتغير عند ما يشكل عقبة تحول دون تحقيق الغاية، أليس هذا وجوبًا دستوريًا أوجبه المشرع على القوميين الاجتماعيين بعدم الوقوف عنده وبتجاوزه عندما يتطلب العمل على تحقيق الغاية ذلك، أليس التمسك بالنظام وبالتنظيم عندما يقف هذا النظام وهذا التنظيم عقبة أمام العمل على تحقيق الغاية هو بعينه الخروج عن العقيدة القومية الاجتماعية؟

    ب- التزامات العضو في الحزب

 كما أن ما التزم به زعيم الحزب حدده قسم الزعامة، كذلك فإن التزامات عضو الحزب حددها قسم الانتماء – قسم العضوية – فالتزم:

  • بالانتماء الى الحزب السوري القومي الاجتماعي بكل إخلاص وكل عزيمة صادقة.
  • أن يتخذ مبادئ الحزب إيمانًا له ولعائلته وشعارا لبيته.
  • أن يحتفظ بأسراره فلا يبوح بها تحت أي ظرف بأي وسيلة من وسائل التعبير لا كتابة ولا رسمًا ولا حفرًا ولا بأية وسيلة أو طريقة أخرى لا تطوعًا ولا تحت أي نوع من أنواع الضغط.
  • أن يحفظ قوانينه ونظاماته ويخضع لها.
  • أن ينفذ جميع ما يعهد به عليه.
  • أن يؤيد زعيم الحزب وسلطته.
  • ألا يخون الحزب ولا أفراده ولا واحدا منهم وأن يفعل واجباته نحو الحزب.

   بهذا التزم وعلى هذا أقسم بشرفه وحقيقته ومعتقده.

   إن التزامات طرفي العقد التقت في مركز واحد هو التزامهما معًا بالعمل على بعث نهضة قومية اجتماعية، نهضة، مبادئها القومية الاجتماعية هي عامل البعث القومي تعيد الى سورية هويتها وريادتها وقوتها فتكون الأمة المؤهلة للقيام بواجبها نحو العالم العربي ليشكل جبهة من أممه تحتل مكانها في عالم الأقوياء.

   إن قَسَمَيْ المتعاقدين هو عهد عاهدوا به أمتهم على تحقيق أمر خطير يساوي وجودهم وإنهم بما أقسموا عليه وبما آمنوا به كان قرارهم عدم الحِيَدَةِ عن تحقيق هذا الأمر ولو تراكمت جثثهم على طريق الحياة كي تطأها الأجيال القادمة سلمًا نحو المجد. وهكذا التقت التزامات الطرفين على التزام واحد هو تحقيق غاية الحزب، التزام بقضية الأمة.