1

شربل نحّاس يشرّح النظام اللبناني في ندوة إعادة البناء

غسان عبد الخالق

كان للندوة الأسبوعية، التي تقيمها مجموعة إعادة البناء، موعدًا جديدًا مع مصارع من نوع آخر. مصارع حمل حكمة الشيوخ لسني العمر التي قضاها في البحث والتقصي، إلا أنه بدا وهو يشرح أزمة النظام اللبناني، والحماس الذي اعتراه وهو يقلب صفحات التاريخ، كأنه شاب في مستهل العمر، مصرًا على النزال حتى الرمق الأخير.

شربل نحاس في الأمس، أعاد لنا جذوة الصراع بشرحه المستفيض للأزمة التي يعيشها لبنان بأبعادها المتعددة. وقد بدأها بتذكيرنا بالمشروع الذي أطلقه سعاده في ثلاثينات القرن الماضي، بمجهود شخصي قلّ نظيره، إن بالعقيدة أو التنظيم أو بالسياسة، من محلي وإقليمي ودولي. وإن ما هو منكب عليه من خلال التأسيس مع أقرانه لمواطنين ومواطنات في دولة، ما هو إلا عربون وفاء لكل من ناضل في هذه البقعة من العالم، من أجل حياة أصلح وأجود وأجمل. ومن خلال ما قدمه من معطيات ذكّرنا بسعاده، دون أن يشير إليه، إن لشرعية الأنظمة وهروبها الدائم من المواجهات لكسب الوقت والبقاء في السلطة، ورهاناتها الدائمة على استغلال الازمات لإعادة تثبيت شرعيتها. أو للخطر الصهيوني ومكامن الخلل بالتصدي له بإغفال حياة الناس واعتبارهم قرابين تقدم على مذبح الصراع دون أي أمل لهم بأن يحيوا كما يليق بالأحرار.

قلب نحاس صفحات التاريخ بالعلائقية التي قامت بعيد الحرب العالمية الأولى بين بيروت ودمشق. وكأنه يعرض وثائقيًا متلفزًا بادئًا بالاستقلال والانفصال الجمركي، مرورًا بالمرحلة الناصرية وصولاً لنكسة الـ67 وما تلاها من الحضور الاستعراضي للمقاومة الفلسطينية إثر أحداث عمان. رابطًا بين مصالح البورجوازية من مصارف وتجار وأراخنة سياسة، والهروب الدائم لهم من الاستحقاقات لكي يجنوا الأرباح الفلكية على حساب الوطن والمواطن، لا يردعهم رادع، لا ديني ولا أخلاقي، رغم وجودهم في مقدمة أهل الايمان بهذه المناسبة أو تلك.

انتقل نحاس بعد ذلك للإضاءة على الأزمة الحالية، فعرض ما قام به مع ثلة من المخلصين لمحاولة ثني أهل العقد والحل عم الاستمرار بتجاهل ما نحن مقبلين عليه من انهيارات، بدءًا من المال للصحة للتربية، وصولاً لكل مناحي الحياة اليومية. واصفًا ما كان يلقاه من تشجيع البعض ممن يحذرهم إلا كمن يربت على كتف الآخر، دون أن يلمس أي استعداد للانخراط في التصدي للمسار المتبع.

لم تسلم الأحزاب التغييرية والعلمانية، من نقد الدكتور نحاس، نظرًا للدور التي لعبته بعد الطائف. إذ اكتفى بعضها بالمناصب التمثيلية والوزارية على حساب دورها التغييري حتى إن بعضها تولى تصفية الحركة النقابية من خلال تفريخ نقابات وهمية لقطع الطريق على أي تحرك وازن يقف في وجه المسار الانهياري.

في المحصلة، يمكن اعتبار اللقاء مع الشيخ المصارع، جرس إنذار للحاضرين ولمن لم يحضروا، من حملة الفكر والعقائد، التواقين لرؤية مجتمع أجود في عالم أفضل للعودة الى ساح الصراع كما طلب منهم دائمًا. أي ألا يغيبوا عنها وألا يكتفوا بالنقد والانتقاد، بل التشمير عن السواعد ونسيان الجراح النازفة لمداواة الجراح البالغة.

لحضور الندوة يرجى الضغط هنا

لحضور الأسئلة والأجوبة يرجى الضغط هنا