1

بلا منقودية

تقول الرواية التي يتبرع بها الحمقى دون سند أن من سلم جيفارا راعي أغنام أزعجه القتال، وثم يتم تداول أن حاكم الإسكندرية محمد كريم أعدم للاشيء، بل تم تسليمه من الأهالي، وفي كلا الحالتين يظهر القاتل على أنه مُجل للقتيل، ثم نقف على مدرج المحاضرات لنشتم الجمهور الغبي الذي لم يلتقط مسألة التحرير وذهب إلى العدو بغرض الهدوء واستمرار الحياة بدون دماء.

الحقيقة الأولى أن من سلم جيفارا هو فيليكس رودريغيز، وهو منفي كوبي نشط لصالح وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية في قسم النشاطات الخاصة، والحقيقة الثانية تتوضح فيما كتبه الجنرال برتييه «رئيس أركان الحملة الفرنسية» حيث كتب في تقريره إلى وزارة الحربية الفرنسية يقول «إن الأهالي دافعوا عن أسوار المدينة دفاع المستميت، أصيب في هذه الموقعة الجنرال كليبر بعيار ناري في جبهته، فجُرِح جرحًا بليغًا، وأصيب الجنرال مينو بضربة حجر سقط من أعلى السور فنالته رضوض شديدة، أما الأدجودان جنرال اسكال فجُرِح بجرح بليغ في ذراعه من عيار ناري، ولقي اللواء ماس و5 ضباط آخرين حتفهم.»

الحقيقتان اللتان توضعان أمام رواية الحمقى تشبه إلى حد كبير توصيف الواقع السياسي الذي تمر به كثير من المستعمرات السابقة “دول ما بعد الكولينالية” وخاصة الدول العربية، حيث اجترار الهزيمة أهم ألف مرة من قراءة الحدث على ماهو عليه، فعلى سبيل المثال لا الحصر، يصبح الفساد المحلي مشكلة المشاكل، وهو سبب التخلف، والفقر، والبطالة، وسوء التخطيط، وكل المشاكل اللازمة توضع في جعبة الفساد المحلي، بينما ومثل حقيقة أن إعدام تشي جيفارا تم بجهد استخباراتي وليس بملل راعٍ خاف على أغنامه من الإزعاج، فكافة المشاكل والتي تبدأ باستمرار المشروع الصهيوني كقاعدة متقدمة للغرب في المنطقة، والعمل على نقله نوعيًا لمرحلة الإمبريالية المحلية عبر المشاريع الكبرى للطاقة والماء والموانئ، وانتقالاً إلى النهب المستمر لهذه الدول، وعرقلة تطور العلاقات الاجتماعية من علاقة رجعية متخلفة مبنية على قواعد الروابط الضيقة، لا على علاقات الإنتاج كأي مجتمع مستقر، إضافة إلى منع الرابط الوطني من النشوء وتفتيته على أساس عنصري ضيق، فأنت تتطلع إلى الحرية كمسألة فردية، لا كمسألة مجتمع، وتطالب بحريتك على أساس اجتثاث الفساد المحلي، لأنه يعرقل طموحاتك الشخصية بالتحرر الفردي، ولينحرق الجميع خلفك، المهم مقعدك من الحرية أين يكمن، واستمر أيها المتطلع إلى الحرية بشتم المجتمع الذي سيضحي بك حتمًا على طريقة الراعي، دون أن تفكر للحظة، هل كان راعيًا حقًا؟