1

العلمانية في الشام بين الفكر النظري والممارسة العملية

لقد مضت عدّة أجيال منذ نشوء الأحزاب السورية، ورغم استعصاء الوصول إلى حداثة سياسيّة لم تتغير مقاربة هذه الأحزاب للمشكلات التي لم تَزُل، ولكنّها تتحلل ويتغير تصورها بين جيل وآخر. تغيّر العالم عدّة مرات ودخلنا عصر ما بعد الحداثة، ولاتزال دساتير أحزابنا وهيكليتها وممارساتها التي أصابها بعض التقادم الأيديولوجي دون أي تجديد.

في 2018 جرت ندوة حوارية بعنوان (مـن نحن…سوريون يناقشون مستقبل هويتهم الوطنية) جمعت عضو القيادة المركزية لحزب البعث د. مهدي دخل الله وعمدة التربية والشباب في الحزب السوري القومي الاجتماعي أ. حافظ يعقوب، و د. حسام عبد الرحمن الذي تحدّث عن ” بناء الهوية على أساس الوطنية الجمهورية”.

فالمحرقة الشامية تستدعي إعادة تقييم الصيغ وتجدديها باستنباط صيغ ما بعد أيديولوجية (ما بعد بعثية/ما بعد قوميّة)، إذ إنّ المقدس المشترك هو المواطنة التي تعبر بصدق عن الاجتماع السياسي الشامي وبدون مركز وهوامش.

إذاً، كيف نغير ثقافة المجتمع؟ كيف نقنع من يعتقد نفسه مركزياً وأكثرياً ومؤهلاً لحكم البلاد بالمساواة والإخاء مع من يعتقدهم أهل ذمة أو هراطقة وكفار ومرتدون ومهدِّدون لوحدة الأمة الإسلاميّة؟ كيف يمكن للمواطنة أن تغدو بديلاً عن الطروحات الدينية والإيديولوجية الأحادية مع تزايد خطر مأسسة الطائفية والتغيرات التي رافقت النزاع المسلح؟

يتوجب إقامة مواطنة جمهورية متطهرة من العثمانية المحدثة، والسعي لإعادة تعريف الثقافة بتخليصها من هيمنة الدين، بدلاً من تمييع الحدود بين الثقافة الوطنية والدين الإسلامي، كما يتوجب السعي لحماية الدولة من تدخل الدين، وحماية الدين من تدخل الدولة. هذه الدينامية تقتضي دفع عملية الإصلاح السياسي لإعادة التوازن للعلاقة بين الديني والسياسي واستجرار الشرعية من المجال السياسي أكثر من المجال الديني؛ لتكون العلمانية هي أساس للاشتراك في الحياة.

بداية التحالف

انطلقت علمانيّة البعث مع وصوله إلى السلطة من العلميّة والثوريّة لياسين الحافظ، وانحرفت العلمانيّة الراديكاليّة للبعثيين الجدد اليساريين (جناح صلاح جديد بعد 1966) عن علمانيّة مؤسسي البعث التوفيقية. إذ قام جناح صلاح جديد بحذف أي إشارة للدين في دستور 1969، وعندما تمّت تصفية هذا الجناح فيما يعرف بـ (الحركة التصحيحية)، قام الرئيس حافظ الأسد بإجراء إصلاحات على علمانية صلاح جديد التي رآها متشددة، فأعاد صيغة “دين رئيس الدولة” إلى دستور 1973، كما تمّ استبدال صيغة قسم دستور1969 ” أقسم بشرفي وإيماني” إلى ” أقسم بالله العظيم” كنوع من التهدئة لمظاهرات حماه.

تابع الأسد الأب ثورة البعث من الأعلى بتعبير ريموند هنيبوش، فاهتمّ بِلَبْرَلَةِ النخبة (الطليعة الواعيّة بمصطلحات البعث)، أي أَسْلَمَةٌ من الأدنى ولَبْرَلَةٌ من الأعلى بتعبير د.حسام عبد الرحمن، وانصبّ اهتمام الرئيس على تعزيز الباتريمونالية، ممّا فرض تعزيز الأيديولوجية البعثية التي ترتكز على تلازم العروبة والإسلام كأساس للمواطنة، فـهما(يتكاملان كالجسد والروح في إطار المواطنة التي ننتمي إليها جميعاً)، فالرسالة الخالدة هي رسالة الإسلام.

كما حاول الرئيس حافظ الأسد تهدئة الإسلاميين عبر سلسلة من التصرفات الرمزية، فشارك في صلاة عيد الفطر والأضحى والمناسبات الدينية ممّا أصبح عُرفاً رئاسياً فيما بعد، إضافة إلى توزيع الأوسمة على رجال الدين و زيادة رواتب الخطباء، وتعيين عالم دين على رأس وزارة الأوقاف، ونُشر القرآن بمبادرة منه .

كانت هذه بداية بناء ديناميكية لتطبيع الأقليات مع ثقافة الأكثرية مع رئيس ممارس للشعائر الإسلاميّة وحاضر دائماً في المناسبات المسيحية، إذ ذكر في خطابه، بأنّه يعتز بالمسيحية اعتزازه بالإسلام.

وبعد هزيمة الإخوان المسلمين، جرى تحالف بين الدولة وممثلي الإسلام التقليدي بزعامة مفتي الجمهورية أحمد كفتارو شيخ الطريقة النقشبندية والمشايخ التقليديون بزعامة محمد سعيد رمضان البوطي وهو من أتباع المذهب الأشعري المهادن مع الحاكم. وبناءً عليه فرض الإسلام غير السياسي (الإسلام الرسمي) وحدانيته في التفسير والتأويل على الاتجاهات والطوائف الأخرى، كما تجلت الهيمنة في المناهج المدرسية التي لا تراعي التعددية الدينية، وكذلك في الظهور الإعلامي في التلفاز والصحافة والراديو، كذلك تجلى في قانون الأحوال الشخصية (الدروز والمسيحيون لهم خصوصية في هذا المجال) بالإضافة إلى الأعياد الدينية الرسمية التي لا تلحظ أعياد الطوائف الإسلامية الأخرى. فضلاً عن إهمال الذاكرة التاريخية للأقليات المليئة بأحداث تاريخية دموية. لكن الشعب الذي لا يعرف ماضيه محكوم عليه بتكراره، كما تمّ النظر إلى تاريخ ما قبل الإسلام بوصفه تاريخ الجاهلية، ممّا يضعف الرؤية الحضارية لتاريخ سوريا القديم.

في هذا السياق، سهلت الحكومة بناء (23000 مسجد) و(840) معهداً لتحفيظ القرآن (معاهد الأسد) و18 معهداً عالياً لتعليم العلوم الدينية، أهمها مجمّع جامع أبو النور الذي يستقبل قرابة (7000 طالب) سوريين وعرب وأجانب معظمهم من آسيا والاتحاد السوفيتي السابق، أنشأه مفتي الجمهورية السابق أحمد كفتارو. كذلك معهد الفتح الإسلامي ومعهد السيدة رقية وهذه اجتمعت في عام 2011 لتشكل جامعة بلاد الشام، فضلاً عن مركز الدراسات الإسلامية بإدارة محمد حبش وكلية الشريعة في جامعة دمشق والمدارس الشرعية التابعة لرجال الدين كمدارس بدر الدين حسون، ومدارس الشيخ الفرفور والمدارس الشرعية الحكومية. ويزيد على ذلك السماح لانتشار حلقات التعليم الديني النسائي بإشراف منيرة القبيسي التي عرفت بظاهرة القبيسيات اللواتي قدر عددهن بما يزيد على 75 ألفا، ويفرضون نمطهم في التربية والتعليم في مئات المدارس جرياً على عادة فتح الله غولن في تركيا. كما تمّ إنشاء قناة فضائية إسلامية (نور الشام) بتوجيه سابق من البوطي، وسُمح لرجال الدين بالترشح لعضوية مجلس الشعب منذ الانتخابات التشريعية عام 1990 مع الممثلين المستقلين، ومن أبرزهم: مروان شيخو ومحمد حبش.

كذلك، تمّ السماح بعودة الشيخ عبد الفتاح أبو غدّة المراقب العام للإخوان المسلمين، وعودة الشيخين أسامة وسارية الرفاعي من منفاهما بعد حلّ جماعتهما (جماعة زيد)، فتمكن الشيخان من إعادة ترميم الجماعة عبر العمل الخيري والاجتماعي المتحالف مع رأس المال الدمشقي، ولكن علاقة الجماعة بالحكومة لم تتحول إلى صيغة تحالف، وانتقلت الجماعة إلى العمل السياسي في2011، وأسس زعيمها لاحقاً عام 2014 المجلس الإسلامي السوري، وهو تشكيل مسلح كان جزءاً من أربعين تشكيلاً.

إنَّ السماح بالنشاط الإسلامي المتمركز في دمشق والعابر للحدود – الطائفة المتخيلة بتعبير عزمي بشارة – من السعودية وقطر وتركيا وباكستان وأفغانستان، هيأ المناخ لصعود الأصولية السلفية في الشام (كومبرادور إسلامي).

كل هذا مع غياب كلّي لجمعيات المجتمع المدني إلا منظمات حزب البعث. وتمّ حل جمعية المبادرة الاجتماعية (2007) لأنّها أجرت استبياناً ميدانياً حول قانون الأحوال الشخصية. في المقابل صدر تعميم من القيادة المركزية لحزب البعث عدَّ عمل جماعة الشيخ الباني (2009) في إطار العمل الدعوي، على الرغم من أنه يدعو إلى إنشاء أمة إسلامية، ويمنع النساء من التعلم.

ويقولون: (حزب البعث العربيّ الاشتراكي حزب علماني بامتياز)، لكنّ الاستخدام العشوائي للمصطلحات هواية عند البعثيين، توازي موهبتهم في صنع تاريخ موازي للبلاد يغض الطرف عن أخطائهم التاريخيّة. إذاً، التطرف لم يُخلق فجأةً، بل ربته ودعمته مؤسسات البعث وحكوماتها المتوالية، ثم تبرئت منه عندما بدأ الشعب الشامي يدفع ثمن أن الأسد يريد استجرار الشرعية من التيار الديني.

 

المعادلة البعثية (جسد عروبي بروح إسلاميّة)

ورد في منشورات القيادة القطرية (كان البعث واضحاً منذ البدء في رؤاه، وجوهر منطلقاته الفكريّة، وعبّر عن رفضه لكل الظواهر المرضيّة التي كان يعاني منها المجتمع العربي، وتبنى شعار الدين لله والوطن للجميع) ( كما انتصر الحزب على هذه التنظيمات المتطرفة وغير الوطنيّة في العقود السّابقة، فلابدّ أن ينتصر في معركته اليوم ضدها طال الزمن أو قصر، ولم يقدم الحزب تنازلاً لهذه التنظيمات في مجال نهجه العلماني إلا أنّه يبدي مرونةً في بعض الأحيان، مع الإشارة إلى أنّ الحزب والدّولة قدّما للشأن الديني ما لم يقدّم في أي دولة أخرى). لقد أسهمت الصيغة البعثية العفلقية في إنتاج عقلية مستبدة مستلبة ثقافياً، تتقمص الإنسان الشامي الذي يتماهى مع الثقافة التي تضطهده، فالمادة 3/الدستور تقصّي علناً المسيحيين وتقصّي ضمناً الأقليات. كلّ ذلك أدى إلى مواطنة منقوصة من منطلق إنكاري. الأمر نفسه ينطبق على العروبة التي أقصّت جزءاً من الشعب بتغيبها للقوميّات الأخرى. والمفارقة بهذا الصدد أن رياض الشقفة المراقب العام للإخوان المسلمين صرّح:”من حق المسيحيين التّرشح للرئاسة… طالما أن ذلك يتم باختيار الشعب“، لكنّ إصرار علماء الدين الإسلامي على وضع مادة تثبت دين رئيس الدولة في الدساتير الشاميّة، 1930/1950/1973/2012، يتبنى فقه ولاية المتغلب البدوي مستعيداً لحظة الانكسار البيزنطية في سورية أمام الجيوش الإسلامية التي تحول المسيحيين على إثرها إلى أهل ذمة بالرغم من أن الوجود المسيحي سابق على مجيء البيزنطيين والمسلمين.

والآية 59 من سورة النساء (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم)، تشير إلى أنه لا تقبل ولاية أمر غير المسلم، تترسخ هذه النظرة مع مقولة المراقب العام للإخوان علي صدر البيانوني: “إنّ سورية ليست مجتمع أقليات، ولكن مجتمع يحتوي أقليات“، بما يتضمنه مصطلح الأكثرية والأقلية في ثناياه من معنى التسيّد والاستتباع. هذا التقسيم يعطي أولوية للانتماء الديني الذي يقف على النقيض من فكرة المواطنة، ويراد منه تكريس هامشية الأقليّات غير الإسلاميّة ودونيّة الأخرى الإسلاميّة، وينتج خطاباً مختبئاً يشكك في صحة إسلامها ويصنفها في قاع ترتيب هرم الهويات؛ لتجريدها من حقها بالمساواة مع الأكثرية.

كل هذا، خشية أنّ الاعتراف بالطوائف أو الإثنيات سيحولها إلى كيانات سياسية تهدد الوحدة الوطنية. طبعاً، هذه سياسة عثمانية قائمة على عملية ذوبان قسري ضمن حدود ثقافة طائفة الأكثرية، ممّا أدى إلى دخول الهويات الإثنية الأخرى في مرحلة الكمون للحفاظ على خصائصها في ظل موجة المركزية المذهبية العنيفة.

ثمّ، جاءت أحداث 2011 الدموية لتثبت استحالة تحويل الشام إلى كتلة صماء ذات مضمون واحد، فلابدّ من تحييد الدين في مستقبل توازنات السلطة، فقد ثبت أنّه عنصر تفكيكي نابذٌ للوحدة الوطنية وليس عنصراً موحداً.

الطرح الذي قدمته المعارضة: (علمانية الأقليات وديمقراطية الأكثرية)

كان موقف الأقليات دفاعياً، لا يتصل بتقدميّة أو رجعية، فالشق الأول (علمانيّة الأقليات = تحالف الأقليات)، أمّا الشق الثاني فقائم على أنّ حكم الشعب هو حكم الأكثرية. فالديمقراطية هي حكم الأكثرية.

الأقليات عموماً، وبدرجات متفاوتة فيما بينها، اصطفت إلى جانب الدولة مع بروز الطابع الإسلامي للأحداث، فتخلت الأقليات عن موقفها النقدي بالكامل بتأثير الخوف من تقدم المشروع الإسلامي، ولم يكن لهذا الموقف أن يتبدل رغم تمادي الدولة في منح صلاحيات دينية لوزارة الأوقاف، فقانون وزارة الأوقاف المثير للجدل، والذي قيل عنه إنّه: “يرسخ الانقسام الديني في البلاد، ويجعلها وزارة تحكم قبضتها المطلقة على عدد من مفاصل الدولة الدينية “. قَبلته الأقليات مجبرةً، لكنّ الدولة غير مهتمة بدراسة أثر هذا القانون على المدى البعيد، فالشاميون هم من سيدفعون الثمن.

الطرح الإخواني (الإسلام هو الحل)

بوصفه عقيدة وتشريعاً، لكن، ماذا عن وضع المرأة؟ ما تفسير انتشار ظواهر التطرف والعنف في المجتمعات الإسلاميّة؟ ماذا عن استمرار التخلف والأمية والفقر وفشل التنمية؟ هذا الطرح لن يحظى بموافقة شعبية.

المفارقة بين العلمانية والإسلامية في الشام

  1. قانون الأحزاب يمنع إنشاء حزب على أساس ديني أو طائفي، بينما يسمح القانون بإنشاء معاهد وجامعات ومنشآت تعليمية دعوية، هذه المنشآت بقصد أو بغير قصد هي منشآت طائفية؛ إذ لا يرتادها إلا طلاب من طائفة واحدة.
  2. القانون المدني وقانون العقوبات مستمد من النمط الغربي بينما قانون الأحوال الشخصية مستمد من الشريعة الإسلامية، تمّ وضعه أيام الرئيس أديب الشيشكلي في 17 أيلول 1953 وهو مستوحى من القانون العثماني، فلا يحق للمواطن المسيحي أن يتزوج من مواطنة مسلمة إلا إذا أسلم، والمسيحية زوجة المسلم لا تستطيع حضانة أطفالها إلا إذا أسلمت. تتساوى المرأة مع الرجل في الشهادة في القضايا الجنائية على خلاف عقود الزواج، ولكنها تنال نصف حصة الذكر في الميراث. هذا القانون أيضاً يبيح اغتصاب الزوجة وفق المادة 489 (لا يعد إكراه الزوجة على الجماع بالتهديد أو العنف اغتصاباً يستحق العقاب)، حتّى قانون الأحوال الشخصية للسريان الأرثوذكس والكاثوليك (المعدل في 2006) ينص بقوامة الرجل على المرأة.
  3. تمّ إحداث الهيئة السورية لشؤون الأسرة بالمرسوم 42 /2003، ومُنحت حق العمل على تعديل كافة التشريعات بما يفضي لتعزيز المساواة بين الجنسين. فأنجزت “قانون حقوق الطفل” و”قانون الأحزاب والجمعيات”، “وقانون الأحوال الشخصية”، وتمّ نقاش القوانين المنجزة مع فريق من القانونين الشاميين ثم مع ممثلي الاتحاد الأوروبي والمنظمات الدولية، ومن ثم أحيلت إلى الجهات المختصة لإقرارها، لكنها دخلت الأدراج ولم تخرج منها. وفي2009 أقرّ قانون أصولي سلفيّ للأحوال الشخصية في ظل رئيس وحزب يدعي العلمانيّة.
  4. في محاولة لتعديل قانون العقوبات تمّ تعديل ما يسمى بجريمة الشرف (المادة 548)، إذ كان يحكم على مرتكبها بالحق العام الذي لا يتعدى الأشهر، وبموجب المرسوم رقم 1/2011 أصبحت العقوبة الحبس من 5 إلى 7 سنوات
  5. الحكومة لا تتدخل في الفضاء الخاص بالمواطنين، ففي رمضان لا تغلق المطاعم أبوابها، ويمكن تناول الطعام أو التدخين في الشارع على خلاف السائد في الأردن ودول الخليج، كما استطاعت حكومات البعث أن تبني نظاماً إدارياً غير مطيف في قواعده الدنيا، لكنّه يقوم على المحاصصة الطائفية في المناصب بخلاف الطائفية في لبنان المستمدة من نظام الترويكا، كما يتم تغييب الدين من كل الأوراق الرسمية إلا إخراج قيد النفوس الذي يشير إلى الدين دون ذكر المذهب.

أخيراً، الدولة إذا لم تكن علمانية، فهي ليست دولة أساساً، وكون غالبية السكان من المسلمين ليس مبرراً لفرض مواد إسلامية في الدستور وهنا سؤال يُطرح : إذا كان المسلمون ينظرون إلى باقي الأقليات بأنهم كفار ومرتدون، فما المانع أن نخرج الأقليات من التصنيف الإسلامي؟ وما المانع من وجود دستور يعترف بالتعددية الإثنية وبالكيان الوجودي والثقافي والقانوني للأقليات بدلاً من أن تبقى تحت رحمة مراوغات البعث؟

لن تنتهي الحرب، فكل المؤشرات تدلّ أننا سنشهد حرباً أكثر ضراوة بعد عدّة سنوات.