الجميلة والوحش الطائفي – غسان عبدالخالق
أقامت الندوة الثقافية في إعادة البناء (الحزب السوري القومي الاجتماعي) لقاء مميزا عبر برنامج (Zoom) مع السيدة ريجينا صنيفر (تجدونه هنا)، مقاتلة سابقة بالحرب الاهلية التي عصفت بلبنان عام 75، وصاحبة مؤلفات اربعة باللغة الفرنسية عرضت فيها لمسار التحوّل في حياتها.
اللقاء طغى عليه الجو العاطفي حيث، ولأول مرة منذ الحرب الاهلية، تحاضر مقاتلة يمينية سابقة في جمهرة من القوميين الاجتماعيين واصدقائهم، عرضت فيه السيدة صنيفر، التي داهمت الحرب مراهقتها، لتجارب صعبة لا سيما التحارب والتناحر السلطوي الدموي داخل المجموعة التي انتمت إليها. كذلك عرضت السيدة صنيفر لبعض المفاهيم التي زُودت بها إن بالمنزل أو المدرسة أو الكنيسة وجميعها تدور حول محاربة مفاهيم “لبنان الوطن البديل للفلسطينيين” و”العودة لزمن الذميّة”، وكيف أن الفشل يعني انتهاء الحلم اللبناني بكيان حر يضمن للمسيحيين ملجأ آمنا في الشرق.
شجاعة ريجينا رافقتها طيلة تواجدها داخل الندوة حتى عندما ذكرها جار لها في الحدث/ بعبدا ببعض الأحداث التي سبقت الحرب وتشير الى ثقافة العنف التي اتسم بها من كانت ريجينا تقاتل في صفوفهم، لم ترتبك أو تضعف، بل بقيت بشجاعتها حيث تحدثت عن الوحش الطائفي الذي عمم تجربته عبر منابر لا تبدأ بالبيت ولا تنتهي بدُور العبادة ناهيك عن المدرسة الغائب عن برامجها العامل الوطني.
خلال الندوة كانت مداخلات واسئلة من الحضور، دارت بمجملها حول الفعل الغرائزي التي اتسمت به الحرب اللبنانية، والثناء على تجربة المحاضرة إن بالمراجعة أو لتناولها شخصية كجولييت المير زوجة أنطون سعاده الذي يعتبر الخصم الأول للمدرسة السياسية التي كانت تنتمي اليها.
في النهاية يمكن اقول إن ريجينا بدت كمن استردت مراهقتها التي صادرتها منها الحرب وبدأت مسيرة حب جديد بحيث بدت جميلة الجميلات، بروحها بوعيها وأكثر من ذلك بعقلها الذي بدا صافيا من ملوثات الماضي وسمومه التي نفثت داخل المجتمع.
ريجينا انتصرت على الوحش، الحب انتصر على الضغينة، والعقل يعد لمعركة جديدة قوامها المحبة والاحتواء.
** كلمة التعريف التي قدّم بها مدير الحوار، الدكتور عطا السهوي ضيفة الندوة:
الحضور الكريم،
أرحب بكم جميعا في النَدوة الثقافية لإعادة البناء وأخص بالترحيب ضيفةَ اليوم وزوّارَنا الجدد.
تأسست هذه النَدوة في الخريف الماضي بهدف إحياء النشاط الثقافي وتفعيلِ المعرفة بما يخص أوضاعَ أمتِنا المأساوية.
إن سلسلةَ المحاضرات والندوات التي نقيمها تتناول معظمَ شؤون حياتنا، من الأسس الفكرية المطلوبة لتوحيد نظرتنا واتجاهنا، إلى الإعلام والإدارة والسياسة الدولية. ولكن الموضوعَ الأهم الذي يبقى الدافعَ الأساس لنا هو موضوع التمزق الاجتماعي وكيفيةُ بناءِ اللحمة بين أبناء شعبنا على أساسٍ حضاري.
في هذه النَدوة قد نتفقُ مع ضيوفنا وقد نختلف. ولكن المهم أننا نلتقي في فضاءٍ من الاحترام والمحبة بما يسمح لنا بتبادل الأفكار وتفاعلها وصولاً إلى الأفضل والأجمل والأرقى.
ضيفتنا اليوم هي الكاتبة ريجينا صنيفر. لن نقدمَ سيرتَها العلمية والعملية فهي في متناول الجميع. ولكن، وإذا أردنا أن نختصرَ مسارَها بكلمة واحدة لكانت “الشجاعة”. شجاعة القتال، شجاعة المراجعة، شجاعة التغيير وشجاعة الإعلان عن التغيير. وضعت ريجينا صنيفر تجرِبَتها في أربعة كتبٍ لها هي:
-
حروب مارونية سنة 1994
-
ألقيت السلاح – امرأة في خضم الحرب اللبنانية، سنة 2006 وهي شهادة حرب مترجمة إلى اللغة العربية في دار النشر الفارابي.
-
بنتاعل – ابنة الأبجدية. سنة 2013 وهي حكاية إنسانية تغوصُ جذورُها في الحروف الفينيقية.
-
جولييت، امرأة في عاصفة سورية الكبرى. سنة 2019 استناداً الى مذكرات جولييت المير سعاده. استعملت فيه الكاتبة أسلوبَ الرواية وأضافت وثائقَ تاريخية تنشر للمرة الأولى في هذا الإطار. وهو الكتاب الأول بالفرنسية عن حياة ومصير الزوجين سعاده. مصيرٌ يلخصُ مأساةَ سورية.
نرحب بريجينا صنيفر ونطلب من الحضور الكريم توجيهَ أسئلتهم كتابةً عبر التشات، أو في سؤال مباشر لا يتجاوز الدقيقتين.
ريجينا، تفضلي. المنبر لك.